كانت الشبهة موضوعية وموردا للبراءة في نفسه وذلك لوقوع النساء في مخالفة الواقع لو جرت الأصول عند الشك في أقسام الاستحاضة. هذا وقد أجبنا عن ذلك في محله بأن اطلاقات أدلة الأصول لا يمكن تقييدها بهذا الوجه الاعتباري لأن العلم بوقوع المكلفين في مخالفة الواقع لو كان مانعا عن اجراء الأصول لم يمكن اجراء شئ منها في مواردها فإن مثل أصالة الطهارة لا اشكال في مخالفتها للواقع في بعض الموارد بالإضافة إلى المكلفين لعدم احتمال مطابقتها الواقع دائما في حق كل من شك في طهارة شئ.
غاية الأمر أن موارد المخالفة في مثل أصالة الطهارة أقل من البراءة في موارد الشك في الاستطاعة ونحوها، إلا أن قلة موارد المخالفة وكثرتها لا تكون فارقة في المقام فهذا لا يكون مانعا عن جريان الأصول.
نعم لو علم المكلف أنه يقع بنفسه في مخالفة الواقع على تقدير اجرائه الأصل ولو في بعض الموارد كان هذا مانعا عن جريانه للعلم بالمخالفة القطعية حينئذ وهذا ما سنشير إليه في القريب.
وأما العلم بأنه وغيره من المكلفين يقع في مخالفة الواقع فهو لا يمنع عن جريان الأصل بالإضافة إلى المكلف الشاك في التكليف فهذا الوجه ساقط.
والصحيح في المقام أن يقال أن المرأة إذا كانت ملتفتة إلى حالها وأنها تبتلي بالاستحاضة بعد ذلك أيضا مرات كثيرة في عمرها فلو أجرت الأصول النافية من البراءة عن وجوب الغسل أو الأغسال أو استصحاب عدم ثقب الدم أو عدم تجاوزه معه في جميع أيام استحاضتها لوقعت في مخالفة الواقع في بعض الموارد فمقتضى علمها الاجمالي هذا