ذكرنا أن الفقهاء - قدس الله أسرارهم - ذكروا أن كل دم يخرج من المرأة بطبعها ولم يكن دم حيض أو من القرح أو الجرح فهو استحاضة ولم يستثنوا دم النفاس ولعله مستند إلى وضوحه أو إلى أن دم النفاس عندهم هو دم الحيض لأنه حيض محتبس فحكمه حكمه.
وكذا لم يتعرضوا لدم العذرة لوضوح عدم كونه من الحيض والاستحاضة على ما بينوه عند اشتباه دم الحيض بدم العذرة.
ويمكن أن يقال أن تقييد الدم الخارج من المرأة بكونه خارجا بحسب طبعها يغني عن استثناء دم الولادة والعذرة والقرح لأنها لا يخرج من المرأة بطبعها وإنما تخرج منها بسبب من الأسباب فالدم الخارج عن المرأة بحسب الطبع منحصر في الحيض والاستحاضة.
وحاصل كلامهم: إن الدم الذي لا يحكم بحيضيته ملازم لكونه استحاضة.
وقد ناقش فيه بعضهم - كما مر - من جهة أن الاستحاضة لها أمارات وصفات ومع عدم وجدان الدم لها لا يحكم عليه بكونه استحاضة وإن لم يكن بحيض أيضا.
ويدفعها ما ذكرناه من أن الأخبار الواردة في اثبات صفات الاستحاضة لا دلالة لها على أن الاستحاضة لا يمكن انفكاكها عن الصفرة مثلا وإنما دلت على أن الصفرة تلازم الاستحاضة عند اشتباه الحيض بالاستحاضة ودوران الأمر بينهما لا أن الاستحاضة تلازم الصفرة - مثلا - دائما وفي جميع الموارد مما أفاد المناقش لا يمكن المساعدة عليه وهذا كله في المقدمة.
وبعد ذلك يقع الكلام في أنه هل هناك تلازم بين الأمرين واقعا وأن الدم إذا لم يكن حيضا أو غيره من المستثنيات فهو استحاضة واقعا