مع حرارتهم لا تبطل حركتهم وحسهم واليابس أيضا قريب الحكم منه بل المزاج الذي يمنع على الحس والحركة في الأكثر هو البرد والرطوبة وليس ذلك ببعيد فان البرد ضد الروح وهو يخدره والرطوبة لا يبعد ان تجعل العضو مهيأ للبلادة فان من أسباب بطلان الحركة برد أو رطوبة بلا مادة ولكن ذلك مما يسهل تلافيه بالتسخين وكانه لا يكون مما يعم أكثر البدن أو شقا واحدا منه دون شق بل إن كان ولا بد فيعرض لعضو واحد فيشبه أن يكون الفالج والاسترخاء الأكثري ما يكون بسبب احتباس الروح وسبب الاحتباس الانسداد أو افتراق المسام والمنافذ المؤدية إلى الأعضاء بالقطع والانسداد اما على سبيل انقباض المسام واما على سبيل امتناع من خلط ساذ واما على سبيل امر جامع للامرين وهو الورم فيكون سبب الاسترخاء والفالج الفاعل لانقطاع الروح من الأعضاء انقباضا من المسام أو امتلاء أو ورما أو انحلال فرد فالانقباض من المسام قد يعرض لربط رابط من خارج بما يمكن أن يزال فيكون ذلك الاسترخاء وذلك البطلان من الحس والحركة أمرا عرضيا يزول بحل الرباط وقد يكون من انضغاط شديد كما يعرض عند ضربة أو سقطة وكما يعرض إذا مالت الفقرات وانكسرت إلى أحد جانبي يمنة أو يسرة فتضغط العصب الخارج منها في تلك الجهة أو إلى قدام وخلف فيعرض منه في أكثر الامر تمديد لا ضغط لان التقاء الفقرات في جانبي قدام وخلف ليس على مخارج لعصب لان مخارج العصب على ما عملت ليست من جهتي قدام وخلف وقد تنقبض المسام بسبب غلظ جوهر العضو واما الامتلاء الساد فيكون من المواد الرطبة السيالة التي ينتفع بها لعضو فتجري في خلل الأعصاب كلها أو تقف في بادي الأعصاب أو شعب الأعصاب وتسد طريق الروح الساري فيها واما الورم فذلك ان يعرض أيضا في منابت الأعصاب وشعبها ورم فيسد المنافذ واما القطع الذي يعرض للعصب فما كان طولا فلا يضر الحس والحركة وما كان عرضا فيمنع الحس والحركة من الأعضاء التي كانت تستقى من المجاري التي كانت متصلة بينه وبين الليف المقطوع الآن واعلم أن النخاع مثل الدماغ في انقسامه إلى قسمين وان كان الحس لا يميزه وكيف لا يكون كذلك وهو ينبت أيضا عن قسمي الدماغ فلا يستبعد ان تحفظ الطبيعة إحدى شقيه وتدفع المادة إلى الشق الذي هو أضعف والذي هو أقبل للمادة أولا أو الذي عرضت له الضربة والصدمة أو الذي اندفع إليه فضل من الشق الذي يليه من الدماغ ولا ينبغي ان يتعجب من اختصاص العلة بشق دون شق فان الطبيعة باذن خالقها تعالى قد تميز ما هو أدق من هذا وتذكر هذا من أصول أعطيناك في الكتاب الأول واعلم أنه كثيرا ما تندفع المادة الرطبة إلى الأطراف لعلبة حر على البدن أو لحركة مغافصة من خوف أو جزع أو غضب أو كدر أو غم واعلم أنه إذا كانت الآفة والمادة التي تفعل الفالج في شق من بطون الدماغ عم شق البدن كله وشق الوجه معه وكذلك ان كانت في مجاري الشق الواحد كما انها لو كانت في شقي بطون الدماغ أو مجاريه كانت سكتة فان كانت عند منبت النخاع كان البدن كله مفلوجا دون أعضاء الوجه وربما وقع مع ذلك خدر في جلدة الرأس ان امتنع نفوذ الحس لان جلدة الرأس يأتيها العصب الحاس من العنق كما بينا وان كان في شق من منبت النخاع عم الشق كله دون الوجه وان كان نازلا عن المنبت مستغرقا أو في شق استرخى وفلج
(٩١)