العظيمة وكلها مسل وربما احتيج ان يدبر هؤلاء تدبير أصحاب المالنخوليا وألمانيا والقطرب وان يستفرغوا بالأيارجات الكبار ويرطموا بما ذكر من المرطبات وذلك إذا انتقلوا بشمائلهم وسحنة أبدانهم إلى مضاهاة أولئك وعليك أن تشتغل بترطيب أبدانهم * (المقالة الخامسة في أمراض دماغية آفاتها في أفعال الحركة الإرادية قوية) * * (فصل في الدوار) * الدوار هو ان يتخيل لصاحبه ان الأشياء تدور عليه وان دماغه وبدنه يدور فلا يملك ان يثبت بل يسقط وكثيرا ما يكره الأصوات ويعرض له من تلقاء نفسه مثل ما يعرض لمن دار على نفسه كثيرا بالسرعة فلم يملك ان يثبت قائما أو قاعدا وان يفتح بصره وذلك لما يعرض للروح التي في بطون دماغه وفي أوردته وشرايينه من تلقاء نفسه ما يعرض له عند ما يدور دورانا متصلا والفرق بين الصرع والدوران الدوار قد يثبت مدة والصرع يكون بغتة ويسقط صاحبه ساكنا ويفيق وأما السدر فهو ان يكون الانسان إذا قام أظلمت عينه وتهيأ للسقوط الشديد منه يشبه الصرع الا أنه لا يكون مع تشنج كما يكون الصرع وهذا الدوار قد يقع بالانسان بسبب انه دار على نفسه فدارت البخارات والأرواح فيه كما يدور الفنجان المشتمل على ماء مدة ويسكن فيبقى ما فيه دائرا مدة وإذا دار الروح تخيل ان للانسان ان الأشياء تدور لأنه سواء اختلف نسبة اجزاء الروح إلى أجزاء العالم المحيط به من جهة الروح أو اختلف ذلك من جهة العالم إذا كان الاحساس بها وهي دائرة يكون بحسب المقابلة فإذا تحرك الحاس استبدل المقابلات كما إذا تحرك المحسوس وقد يكون هذا الدوار من النظر أيضا إلى الأشياء التي تدور حتى ترسخ تلك الهيئة المحسوسة في النفس ولهذا قيل إن الأفاعيل الحسية كلها متعلقة بآلات جسدانية منفعلة أولها وأولاها الروح الحساس وتبقى فيه عن كل محسوس هيئة بعد مفارقته إذا كان المحسوس قويا فان كان محسوس انما يفعل في الآلة الحاسة هيئة هي مثاله ثم تثبت تلك الهيئة وتبطل بمقدار ببول الآلة وقوة المحسوس وشرح هذا في العلم الطبيعي وكلما كان البدن أضعف كان هذا الانفعال فيه أشد كما في المرضى فإنه قد يبلغ المريض في ذلك مبلغا بعيدا حتى أنه ليدار به بأدنى حركة منهم لأنهم يحتاجون في الحركة إلى تكلف شديد يتمكنون به من الحركة لضعفهم فيعرض لروحهم اذى وانفعال وتزعزع وقد يكون الدوار اما من أسباب بدنية حاضرة في جوهر الدماغ حاصلة فيه من بخارات حائلة في العروق التي فيه وفي العصب واما من أخلاط محتقنة فيه من كل جنس فيتبخر بأدنى حركة أو حرارة فإذا تحركت تلك الأبخرة حركت بحركتها الروح النفساني الذي انما ينضج ويتقوم في تلك العروق ثم يستقر في جوهر الدماغ ثم يتفرق في العصب إلى البدن واما بسبب كثرة بخارات قد احتقنت فيه متصعدة إليه من مواضع أخرى ثم مستقرة فيه باقية عن مرض حاد متقدم أو مرض بارد فتكون رياحا فجة تحركها القوة المنضجة والمحللة وقد يكون لا لحركة بخارات في الدماغ وليكن لسوء مزاج مختلف بغتة يلزم منه هيجان حركة مضطربة في الروح لا لمحرك جرماني يخالطه من بخار أو غيره كما يعرض ذلك من الحركة المختلفة الحادثة من الماء والنار إذا اجتمعا وقد يكون من محرك للروح من خارج مثل ضارب للرأس أو كاسر للقحف حتى يضغط الدماغ والروح الساكن فيتبعه حركات مختلفة دائرة متموجة كما يحدث في الماء من وقوع ثقل عليه أو وقوع
(٧٣)