يكون على وجهين أحدهما من حال العضو المشارك للدماغ فيما يعرض للدماغ على ما عرض للدماغ والثاني من حال العضو الذي ألم الدماغ بمشاركته إياه انه أي عضو هو وما الذي به وكيف يتأدى إلى الدماغ وهذه الاستدلالات قد يستدل منها على من الافعال والأحوال وعلى ما يكون ولم يحضر بعد مثل ما يستدل من طول الحزن والوحوش على المالنخوليا المطل أو القطرب الواقع عن قرب ومن الغضب الذي لا معنى له على صرع أو مالنخوليا حارا ومانيا ومن الضحك بلا سبب على حمق أو على رعونة * (فصل في كيفية الاستدلال من هذه الدلائل على أحوال الدماغ وتفصيل هذه الوجوه المعدودة حتى ينتهى إلى آخر تفصيل بحسب هذا البيان) * * (فصل في الاستدلال الكلى من أفعال الدماغ) * أما الدلالة المأخوذة من جنس الافعال فان الافعال إذا كانت سليمة أعانت في الدلالة على سلامة الدماغ وان كانت مؤفة دلت على آفة فيها وآفات الافعال كما أوضحنا ثلاث هي الضعف والتغير والتشوش ثم البطلان والقول الكلى في الاستدلال من الافعال ان نقصانها وبطلانها يكون للبرد ولغلظ الروح من الرطوبة والسدة ولا يكون من الحر الا ان يعظم فيبلغ ان تسقط القوة وأما التشوش أو ما يناسب الحركة فقد يكون من الحر وقد يكون من اليبس * (فصل في الاستدلالات المأخوذة من الافعال النفسانية الحسية والسياسية والحركية والأحلام من جملة السياسية) * فنقول هذه الأفعال قد تدخلها الآفة على ما عرف من بطلان أو ضعف أو تشوش مثال ذلك اما في الحواس فلنبدأ بالبصر فان البصر تدخله الآفة اما بان يبطل واما بان يضعف واما بان يتشوش فعله ويتغير عن مجراه الطبيعي فيتخيل ما ليس له وجود من خارج مثل الخيالات والبق والشعل والدخان وغير ذلك فان هذه الآفات إذا لم تكن خاصة بالعين استدل منها على آفة في الدماغ وقد تدل الخيالات بألوانها ولقائل ان يقول إن الخيال الأبيض كيف يدل على البلغم الغالب وهو بارد وأنتم نسبتم التشوش إلى الحز فنقول ذلك بحسب المزاج لا بحسب اعتراض المواد للقوة الصحية الكاملة الحرارة الغريزية وأما في السمع فمثل ان يضعف فلا يسمع الا القريب الجهير أو يتشوش فيسمع ما ليس له وجود من خارج مثل الدوي الشبيه بخرير الماء أو بضرب المطارق أو بصوت الطبول أو بكشكشة أوراق الشجر أو حفيف الرياح أو غير ذلك فيستدل بذلك اما على مزاج يابس حاضر في ناحية الوسط من الدماغ أو على رياح وأبخرة محتسبة فيه أو صاعدة إليه وغير ذلك مما يدل عليه واما ان يبطل أصلا والضعف والبطلان لكثرة البرد والذي يسمع كأنه يسمع من بعيد فلرطوبة وأما في الشم فبأن يعدم أو يضعف أو يتشوش فيحس بروائح ليس لها وجود من خارج منتنة أو غير منتنة فيدل في الأكثر على خط محتبس في مقدم الدماغ يفعله ان لم يكن شيئا خاصا بالخيشوم وأما الذوق واللمس فقد يجريان هذا المجرى الا ان تغيرهما عن المجرى الطبيعي في الأكثر يدل على فساد خاص في الانهاء القريبة وفي الأقل على مشاركة من الدماغ خصوصا مثل ما إذا كان عاما كخدر جميع البدن وقد تشترك الحواس
(٧)