دما حارا رطبا روحيا وأما معرفة صحة أحد المذهبين فهو إلى العالم الطبيعي ولا يضر الطبيب الجهل به وقد شرحنا الحال فيه في كتبنا الأصلية وأبقراط يقول ما معناه ان جمهور مادة المني هو من الدماغ وانه ينزل في العرقين الذين خلف الاذنين ولذلك يقطع فصدهما النسل ويورث العقر ويكون معه لبنيا ووصلا بالنخاع لئلا يبعدا من الدماغ وما يشبه مسافة طويلة فيتغير مزاج ذلك الدم ويستحيل بل يصبان إلى النخاع ثم إلى الكلية ثم إلى العروق التي تأتى الأنثيين ولم يعرف جالينوس هل يورث قطع هذين العرقين العقر أم لا وأنا أرى أن المني ليس يجب ان يكون من الدماغ وحده وان كانت خميرته من الدماغ وصح ما يقوله أبقراط من أمر العرقين بل يجب أن يكون له من كل عضو رئيس عين وأن تكون الأعضاء الأخرى ترشح أيضا إلى هذه الأصول وبذلك يكون الشبه ولذلك يتولد من العضو الناقص عضو ناقص وان ذلك لا يكون ما لم تتسع العروق بالادراك ولم تنهض الشهوة البالغة بالنضج التام والمنى ربما تدفعه ريح تخالطه ولابد أن يتقدم خروجه خروجها * (فصل في دلائل أمزجة أعضاء المني الطبيعية) * علامات المزاج الحار ظهور العروق في الذكر والصفن وغلظها وخشونتها وسرعة نبات الشعر على العانة وما يليها وخشونته وكثرته وكثافته وسرعة الادراك ومن أحب معرفة مزاج منيه فليصلح التدبير ثم ليتأمل لون منيه * وعلامات المزاج البارد هي خلاف تلك العلامات وعلامات المزاج الرطب رقة المني وكثرته وضعف الانعاظ وعلامات المزاج اليابس خلاف ذلك وربما خرج المني فيه متخيطا * وعلامات المزاج الحار اليابس متانة جوهر المني وسبوق الشهوة بدفق عند أدنى مباشرة وتذكر وان يعلق كثيرا وتكون شهوته شديدة وسريعة واتعاظه قويا الا أنه ينقطع عن الجماع أيضا بسرعة فان أفرط الحر واليبس كان قليل الماء قليل الانزال مع كثرة الانتشار وأما الشعر على العانة والفخذين وما يليها فيكون في الحار اليابس كثيرا كثيفا وعلامات المزاح الحار الرطب يكون أكثر منيا من الحار اليابس لكنه أقل شعرا وأقل اعلاقا وأشد قوة على كثرة الجماع وليس أكثر شهوة وانتشارا ويكون متضررا بترك الجماع المفرط ويكون كثير الاحتلام سريع الانزال وعلامات المزاج البارد الرطب هي زعر نواحي العانة وبطء الشهوة والجماع ورقة المني وقلة الاعلاق وبطء الانزال وقلته وعلامات المزاج البارد اليابس هي غلظ المني وقلته ومخالفة الحار الرطب في الوجوه كلها * وعلامة الأمزجة الغير الطبيعية هي عروض العلامات التي للطبيعة بعد ما لم نكن ويدل على تفاصيله الحس * (فصل في منافع الجماع) * ان الجماع القصد الواقع في وقته يتبعه استفراغ الفضول وتجفيف الجسد وتهيئة الجسد للنمو كأنه إذا أخذ من الغذاء الأخير شئ كالمغصوب تحركت الطبيعة للاستفاضة حركة قوية يتبعها تأثير قوى وأعانها ما في مثل ذلك من الاستتباع وقد يتبعه دفع الفكر الغالب واكتساب البسالة وكظم الغضب المفرط والرزانة وانه ينفع من المالنخوليا ومن كثير من الأمراض السوداوية بما ينشط وبما يدفع دخان المني المجتمع عن ناحية القلب والدماغ وينفع من أوجاع الكلية الامتلائية ومن أمراض البلغم كلها خصوصا فيمن حرارته الغريزية قوية لا يثلمها خروج المني ولذلك يفتق شهوة الطعام وربما قطع مواد أورام تحدث في
(٥٣٤)