سريعا فقد يكون لحرارة جوهره وقد يكون لان مزاج جوهره الأصلي رطب وقد يكون لان مزاج جوهره الأصلي يابس فان كانت من حرارة كانت هناك علامات الحرارة ثم كان ذلك الترطيب ليس مما يكون دائما ولكنه عقيب حرارة مفرطة وقعت في الدماغ فجذبت الرطوبات إليه فملأته ثم إن بقى المزاج الحار غالبا أعقبه اليبس النفض وان غلبت الرطوبات عاد الدماغ فصار باردا رطبا وان استويا حدثت في أكثر الامر العفونة والأمراض العفنة والأورام لان هذه الرطوبة ليست بغريزية فتتصرف فيها الحرارة الغريزية تصرفا طبيعيا بل انما تتصرف فيها تصرفا غريبا وهو العفونة وأما ان كان لبرد المزاج لم يكن حدوث الرطوبة دفع بل على الأيام ثم يصير الترطب ويكون بسرعة وتكون علامات برودة مزاج الدماغ موجودة وان كان ذلك لرطوبة الدماغ نفسه فتكون السرعة في ذلك لاحد شيئين اما لان الرطوبة بفعل البرد ويفسد البرد القوة الهاضمة المغيرة لما يصل إلى الدماغ من الغذاء فيطهر ترطب فإذا حدث ذلك البرد دفع كان الترطب بسرعة بعده دفعة وإذا حدث مع ذلك سدد في المجاري عرض ان تحبس الفضول ثم هذا يكون دائما ولازما ليس مما يكون نادرا وكائنا دفعة دفعة وأما الكائن ليبوسة الدماغ فسببه النشف الذي يقع دفعة إذا وقعت يبوسة ويكون مع علامات اليبوسة المتقدمة ويكون شبيها بما يقع من الحرارة الا فيما يختلفان فيه من علامات الحرارة وعلامات اليبوسة فهذه الدلائل المأخوذة من سرعة الانفعال وليس يجب ان يعتبر سرعة الانفعال بحسب ضعف القوى الطبيعية لا سيما في الترطب لان ضعف القوى الطبيعية تابع لاحد هذه الأسباب وليس كل الموافقات والمخالفات مأخوذة من جهة الكيفيات بل قد تؤخذ من جهة الهيئات والحركات كما يرى صاحب العلة المعروفة بالبيضة يؤثر الاستلقاء على سائر أوضاع ضجعته * (فصل في الاستدلال الكائن من جهة مقدار الرأس) * وأما التعرف الكائن بحسب صغر الرأس وكبره فيجب أن تعلم أن صغر الرأس سببه في الخلقة قلة المادة كما أن سبب كبره كثرة المادة أعني المادة النطفية المتوزعة في التوزيع الطبيعي للرأس ثم إن كان قلة المادة مع قوة من القوة المصورة الأولى كان حسن الشكل وكان أقل ردائة من الذي يجمع إلى صغر الرأس وردائة الشكل في الخلقة التي تدل على ضعف القوة على أنه لا يخلو من ردائة في هيئة الدماغ وضعف من قواه وضيق لمجال القوى السياسية والطبيعية فيه ولذلك ما بث أصحاب الفراسة القضية بأن هذا الانسان يكون لجوجا جبانا سريع الغضب متحيرا في الأمور وقال جالينوس ان صغر الرأس لا يخلو البتة عن دلالة على ردائة هيئة الدماغ وان كان كبر الرأس ليس دائم الدلالة على جودة حال الدماغ ما لم يقترن إليه جودة الشكل وغلظ العنق وسعة الصدر فإنها تابعة لعظم لصلب والأضلاع التابعين لعظم النخاع وقوته التابعين لقوة الدماغ فان كثرة المادة إذا قارنها قوة من القوة المصورة كان الرأس على هذه الهيئة ومما يؤكد ذلك أن يكون هناك مناسبة لسائر الأعضاء فان قارنه ضعف منها كان ردئ الشكل ضعيف الرقبة صغير الصلب أو مؤف ما يحيط به وينبت عنه على أنه قد يعرض من زيادة الرأس في العظم ما ليس بطبيعي مثل الصبيان يعرض لهم انتفاخ الرأس وتعظمه ما ليس في الطبع بل على سبيل
(١٢)