الجزء الأوسط من الدماغ فان كان ذكره وكلامه كما كان ولم يكن يحدث فيما يفعله ويقوله شيئا خلاف السديد وكان يتخيل له أشياء محسوسة ويلتقط الزيبر ويرى أشخاصا كاذبة ونيرانا ومياها أو غير ذلك كاذبة أو كان ضعيف التخيل لأشباح الأشياء في النوم واليقظة فالآفة في الخيال وفي البطن المقدم من الدماغ وان اجتمع اثنان من ذلك أو ثلاثة فالآفة في البطنين أو الثلاثة ولإن بمرض الفكر ويقع فيه تقصير بمشاركة آفة في الذكر سبقت أولا أسهل من أن يمرض الفكر فيتبعه مرض الذكر وما كان من هذا يميل إلى النقصان فهو من البرد وما كان يميل إلى التشوش والاضطراب فهو من الحر وزعم بعضهم انه قد يميل إلى النقصان لنقصان جوهر الدماغ وليس هذا ببعيد وجميع ذلك فاما ان يكون سببه بديا في الدماغ نفسه واما من عضو آخر وقد يكون من خارج كضربة أو سقطة فأما المعالجات فيجب أن يعول فيها على الأصول التي ذكرت في القانون وتلتقط من ألواح أمراض أعضاء الرأس وفي الكتاب الثاني أدوية نافعة من جميع ذلك لتستعملها عليه وتتأمل منها ومن الأغذية ما يضرها فيجتنبها فيه * (فصل في اختلاط الذهن والهذيان) * أما اختلاط الذهن والهذيان من بين ذلك فالكائن بسبب الدماغ نفسه فهو اما مرة سوداء واما دم حار ملتهب واما مرة صفراء واما مرة حمراء واما حر ساذج واما بخار حار وذلك مما تخف المؤنة في مثله واما يبس لتقدم سهر أو فكر أو غير ذلك مما بجفف فيعدم الدماغ مادة روح غريزية بمثلها يمكن ان يحفظ طريقة العقل والكائن بسبب عضو آخر والبدن فذلك العضو هو كالمعدة أو فمها أو المراق أو الرحم أو البدن كله كما في الحميات وكل ذلك اما لكيفية ساذجة تتأدى إليه كما يرتفع عن الإصبع من الرجل ومن اليد إذا ورمت ومن الأعضاء الفاسدة المزاج المتورمة واما من بخار حار من مرة أو بلغم قد عفن واحتد واسلم اختلاط العقل ما كان مع ضحك وما كان مع سكون وأردؤه ما كان مع اضطراب وضجر واقدام * (العلامات) * اعلم أن كل من به وجع شديد ولا يشكوه ولا يحس به فيه اختلاط والبول الذهبي قد يدل في الحميات على اختلاط العقل أما الكائن من السوداء فيكون مع غموم وظن شئ ومع علامات المالنخوليا التي نذكرها في بابه وان كانت السوداء صفراوية كان معه سبعية وأقدام وان كانت السوداء دموية كان هناك طرب وضحك مع درور العروق وأما الكائن عن الصفراء فيكون مع التهاب وحرارة وضجر وسوء خلق واضطراب شديد وتخيل نار وشرار وحرقة اماق وصفرة لون والتهاب رأس وامتداد جلد الجبهة وغؤور العينين ووثب إلى المقابلة والذي من الحمراء فتكون هذه الاعراض فيه أشد وأصعب ومن هذا القبيل اختلاط العقل الذي في الحميات وأكثر ما يكون في الوبائيات وأما الكائن من حر ويبس ساذج فلا يكون معه ثقل ولا علامات المواد المذكورة في القوانين وفي الأبواب المتقدمة والكائن من بلغم قد عفن واحتد فيعرض لأصحابه أن يكون بهم مع الاختلاط رزانة وان يشيلوا حواجبهم بأيديهم كل وقت وان تثقل رؤوسهم ويسبتوا لجوهر البرد كما تختلط عقولهم لعارض الحرارة وهؤلاء لا يفارقون ما يمسكونه وربما عرض لهم ان يتوهموا أنفسهم دواب وطيورا وبالجملة فان اختلاط العقل إذا عرض عن حرارة يابسة فإنه يدل عليه السهر أو عن حرارة رطبة من دم أو بلغم عفن فإنه يدل عليه السبات وأما الذي سببه بخار متصاعد من عضو فيعرف من حال
(٦٠)