الضعيف ما هو لازم ومنه ما هو غير لازم وربما كان الصداع الذي سببه ضعيف يعرض لبعض دون بعض فيعرض لمن حس دماغه قوى ولا يعرض لمن حس دماغه ضعيف وبالجملة فان من هو قوى حس الدماغ ممنو بالتصدع من كل سبب مصدع وان ضعف وبالجملة فان الدماغ يكون سريع القبول للمصدعات اما لضعفه وقد عرف في الكليات ان الضعف تابع لسوء مزاج واما لقوة حسه فيتأذى عن كل سبب وان خف وأيضا فان من الصداع ما لا اعراض له ومنه ما يؤدى إلى اعراض تختفي بنواحي الرأس مثل ان يحدث أعني الصداع لشدة الوجع أوراما في نواحي الرأس ومنه ما يؤدى إلى اعراض تتعدى إلى أعضاء أخرى مثل ان يتأدى أذاه واضراره أو ايرامه إلى أصول الأعصاب فيحدث التشنج أو يتعدى شئ من ذلك إلى المعدة فيحدث سقوط الشهوة والفواق والغثيان وضعف الهضم ونحو ذلك واعلم أن الصداع المزمن اما ان يكون لبلغم أو لسوداء أو ضعف رأس أو ورم صلب مبتدأ أو حار قد صلب وهو الكثير والصداع وجميع الأمراض قد تختلف فربما كان المرض مسلما والمسلم هو الذي لا مانع من تدبيره بما يجب له في نفسه ومنه ما ليس بمسلم بل هو ذو قرينة وربما منعت عن تدبيره بالواجب مثل أن يكون صداع ونزلة فتعارض النزلة الصداع في واجبه من التدبير والصداع أيضا قد ينقسم باعتبار آخر فان من الصداع ما يعرض أحيانا للصحيح لا قلبة به ومنه ما انما قد يعرض لذي أورام وأوصاب ومن الأبدان أبدان مستعدة للصداع وهي الأبدان الضعيفة الرؤس الضعيفة الأعضاء الهاضمة فتتولد فيها بخارات وتنصب إلى معدهم أخلاط مرارية فتصدع وأيضا فان من المتناولات أشياء مصدعة قد ذكرت في جداول الأدوية المفردة وجميع الأفاوية مصدعة خصوصا السليخة والقسط والزعفران والدارصيني والحماما وجميع المبخرات مصدعة حارة كانت أو باردة لكنها إذا تعاقبت تدافعت أعني إذا كان قد تقدم ما آذى بحرارة بخاره وعقبه ما يبخر بخارا باردا أو بالعكس وأما إذا كان الأذى ليس بالكيفية وحدها بل وبالكمية فلا ينفع تعاقبها بل يضر وقد يكثر الصداع البارد للاحتقان في الشتاء وإذا كان الصيف شماليا قليل المطر وكان الخريف جنوبيا مطيرا كثر الصداع في الشتاء وكثيرا ما يكون الصداع بسبب تأدية الشريان البخارات الخبيثة إلى الرأس * (فصل في تفصيل أصناف الصداع الكائن من سوء المزاج) * فلنأت بكلام يفصل كل واحد من هذه الجمل وهذا هو التفصيل الأول فنقول اما بالجملة المزاجية فان المزاج الحار والمزاج البارد والمزاج اليابس والرطب قد يحدث عنها الآلام على نحو ما علمنا في الأصول الكلية وان كان الحال في المزاج اليابس ما علمت من أنه قليل التأثير للألم والمزاج الرطب بما هو رطب فليس يؤلم الا ان يكون هناك مادة رطبة مؤلمة من جهة تبخيرا واحداث ريح يفعل تفرق الاتصال والحار اليابس والبارد اليابس يؤلمان بالكيفيتين ويؤلمان أيضا بالحركات المفرقة للاتصال وأما الحار الرطب والبارد الرطب فلا يؤلمان الا من حيث هما حار وبارد لا من حيث هما رطبان الا على الجهة المذكورة والمزاج الحار اما ان يكون سببه مادة حارة دموية أو صفراوية أو مركبة محتدة ملتهبة تفعل بكيفيتها التأثير واما ان يكون سببه ريحا وبخارا حارا واما ان يكون سببه حركة مسخنة بدنية أو نفسانية على ما علمت من أقسامها
(٢٥)