ولما تضرر وفي التنفس والصرع في أكثر الامر يتقدمه التشنج ثم يكون من بعده الصرع وذلك لأنه إذا كان استحكم التشنج كان الصرع فإذا اندفع السبب المؤذى أو تحلل الريح عادت الافعال الحسية والحركية وربما ظهر الخلط المندفع معاينة في المنخر وفي الحلق وكثيرا ما يكون الصرع بلا تشنج محسوس وذلك لان المادة الفاعلة له تكون رقيقة وتفعل بالامتلاء لا بالرداءة الشديدة والصرع يصيب الصبيان كثيرا بسبب رطوباتهم فربما ظهر بهم أول ما يولدون وقد يكون بعد الترعرع فان أصيب في تدبيرهم زال والا بقى ويجب ان يجتهد أن يزال عنهم ذلك قبل الانبات وابعد الصبيان من ذلك من يعرض له في ناحية رأسه قروح وأورام ويكون سائل المنخرين وللدماغ رطوبة في أصل الخلقة من حقها ان تنبثق فربما تنبثق في الرحم وربما انبثقت بعد الولادة فان لم تنبثق لم يكن بد من صرع وأكثر الصرع الذي يصيب الصبيان فإنه قد يخف علاجه ويزول بالبلوغ إذا لم يعنه سوء التدبير وترك العلاج والصرع قد يصيب الشبان فان كثر بعد خمس وعشرين سنة لعلة في الدماغ وخاصة في جوهره كان لازما ولا يفارق ويكون غاية فعل العلاج فيهم تخفيف من عاديته وأبطأ بنوائه وقد قال بقراط ان الصرع يبقى بهم إلى أن يموتوا وأما المشايخ فقلما يصيبهم الصرع السددي وقد يعين الأسباب المحركة للصرع أسباب من خارج مثل التغذي في المطعم والمشرب والتخم ومثل التعرض الكثير لشمس مما يجذب من المواد إلى الرأس وذلك لما يمنع من انتشار المواد في جهتي البدن فيحركها إلى فوق والجماع الكثير من أسبابه ومن أسبابه التنعم والسكون وقلة الرياضة ومن أسبابه الرياضة على الامتلاء كما تتحرك لها الأخلاط إلى تحلل غير تام وتملأ التجاويف ومن أسبابه ما يضعف القلب من خوف أو وقوع هدة وصيحة بغتة ومن أسبابه الصوم لصاحب المعدة الضعيفة وشرب الشراب الصرف أيضا لما يؤذى المعدة وهذه أسباب بعيدة توجب الأسباب القريبة ونحن نجعل لهذه الأسباب بابا مفردا وقيل إن المصروع إذا لبس مسلاخ عنز كما سلخ وشرع في الماء صرع وكذلك إذا دخن بقرن الماعز والمر والحاشا وكثيرا ما ينحل الصرع بحميات يقيسها صاحبه وخصوصا ما طال والربع خاصة لشدة طوله ولانضاجه المادة السوداوية حتى ينحل والنافض القوى فان النفض يزعج ما تلحج بالدماغ من الفضول والعرق الذي يتبع النافض ينفضه وكما أن السكتة تنحل إلى فالج فكذلك كثير من الصرع ينحل إلى فالج وقد زعم بعضهم ان البلغمي يصحبه ارتعاش واضطراب لان البلغم من كثافته أن يسد المجاري سدا تاما وأما السوداوي فقد يسد سدا تاما فيعرض منه قلة الاضطراب وزعم بعضهم ان الذي يكثر معه الاضطراب فبالحري ان يكون سببه الخلط الأقل مقدارا والأقل نفاذا في المجاري فجعل الامر بالعكس ولا شئ من القولين بمقطوع به قال روفس إذا ظهر البرص بنواحي الرأس من المصروع دل على انحلال مادة الصرع وعلى البرء وكثيرا ما ينحل الصرع إلى فالج ومالنخوليا * (المتهيؤن للصرع) * يعرض الصرع للمرطوبين بأسنانهم كالصبيان والأطفال والمرطوبين بتدبيرهم كأصحاب التخم والذين يسكنون بلادا جنوبية الريح لأنها تملأ الرأس رطوبة والصرع للنساء والصبيان وكل من هو قليل الدم ضيق العروق أقل (العلامات) يقولون ان العلامات المشتركة لأكثر أصناف المصروعين صفرة ألسنتهم وخضرة العروق التي تحتها وكثيرا
(٧٩)