ماء الأبزن معتدلا بين المقشعر منه وبين اللاذع وبالجملة بحيث لا ينفعل عنه بل يتلذذ به فيرطب ويوسع المسام ويجب ان يكون مدة استحمامه ما دام ينتفخ ويربو بدنه قبل ان يأخذ في الضمور ويجب كلما يخرج من الحمام ان يراح قليلا ثم يسقى من الألبان اللطيفة اما لبن النساء أو لبن الأتن أو لبن البقر وأجوده ان يكون امتصاصا من الثدي واستلابا للحليب ساعة يحلب وشربا له قبل ان ينفعل عن الهواء أصلا وأن يكون المشروب لبنه قد غذى مقدار ما يهضمه وريض قبله رياضة باعتدال وأن لا يرضع غيره فان كان حيوانا غير الانسان عرف جودة هضمه من ردائته بنتين برازه أو عدمه واعتداله ورطوبته وجفافه أو افراطه في أحدهما وباستوائه أو بنفخه لريحية فيه وان يحس ويمرغ رياضة له ثم ينتظر المريض هضم ما شربه من لبن أو ماء شعير ويعلم ذلك من جشائه وخفة أحشائه ثم يعاد بعد الرابعة والخامسة من الساعات ثم يحمم ثم تمرخ أعضاؤه بالدهن لحقن المائية الممتصة فيها فان كان معتادا للحمام حممته مرة ثالثة وان كان الأصوب الاقتصار على مرتين زدت في الساعات المتخللة بين التحميمتين على ما ذكر وأرحه إراحة تامة وان مال إلى اللين سقيته ثانية والا سقيته ماء الشعير المحكم الصنعة وهو الذي كثر ماؤه ثم طبخ طبخا كثيرا حتى قل ماؤه وأطعمه من خبز التنور المتخذ بالخمير والملح المحكم بالانضاج ومن السمك الرضراضي وأجنحة الطيور الخفيفة اللحوم لرخصتها وخصي الديوك المسمنة باللبن وجنبه اللزج والصلب والغليظة وان كان كثير الغذاء فاختر مع ما كان مع كثرة غذائه سريع الانهضام لطيف الكيموس رطبه والمبلغ منه مقدار ما لا يثقل ولا يمدد كثيرا وأما القليل فلا بد منه في مثله ولا بد من سقيه الشراب الرقيق المائل إلى القبض القليل الاحتمال للمزاج لمائيته فإنه ينفذ الغذاء وينعش القوة ويغنى عن شرب الماء البارد الناكي ببرده وليكن مبلغه ان لا يطفو على المعدد ولا يقرقر وليكن تغذيته الثانية وقد انهضم الأول تمام الهضم وفرق غذائهم ما أمكن وليكن الطعام خفيفا لئلا يلحق طعام طعاما متقدما غير منهضم وليكن هذا تدبيرهم أياما فإذا انتعشوا يسيرا زيد في الرياضة والدلك والغذاء فإذا قاربوا الصحة قطعت كشك الشعير واللبن واجعل بدل الشعير يومين أو يوما حسوا متخذا من الحندروس وزدهم غذاء منميا للقوة وابدأ بالأكارع والأطراف ولحوم الطير الرخصة * (فصل في علاج سوء المزاج البارد اليابس) * فان كان المزاج باردا يابسا فدبر البرد كما تدبر اليبس ولما كان تدبيره ليس الا بالمسخنات اجتنب فيها ما يزيد في اليبس بتحليله أو لقبض قوى فيه والتكميدات كلها نضره ولا تنفعه ويجب ان يجتنب الاسخان القوى السريع فان ذلك يجفف ويزيد في اليبوسة بل يجب ان يسخن قليلا قليلا ويرطب فيما بين ذلك ويزيد في جوهر الحار الغريزي لا في النارية ومما يفعله الشراب القليل المزاج واللين أو ماء الشعير الممزوج بقليل عسل منزوع الرغوة ليكثر غذاؤه ويقل فضوله فهو جيد لهم وتمريخ المعدة بالادهان العطرة التي ترطب مع ما يسخن مثل دهن السنبل والناردين ودهن المصطكى جيد وربما خلط بها دهن البلسان وربما اقتصر على دهن البلسان فإنه نافع والأجود ان يخلط بها قليل شمع ليكون ألبث على المعدة ومما ينفع منفعة قوية بان تسحق المصطكى وتخلط
(٣٠١)