* (فصل في الاستسقاء) * الاستسقاء مرض مادي سببه مادة غريبة باردة تنخلل الأعضاء وتربو فيها الأعضاء الظاهرة كلها واما المواضع الخالية من النواحي التي فيها تدبير الغذاء والاخلاط وأقسامه ثلاثة لحمى ويكون السبب فيه مادة مائية بلغمية تفشو مع الدم في الأعضاء والثاني زقى يكون السبب فيه مادة مائية تنصب إلى فضاء الجوف الأسفل وما يليه والثالث طبلي ويكون السبب فيه مادة ريحية تفشو في تلك النواحي وللاستسقاء أسباب واحكام عامة ثم لكل استسقاء سبب وحكم خاص وليس يحدث استسقاء من غير اعتلال الكبد خاصة أو بمشاركة وان كان قد يعتل الكبد ولا يحدث استسقاء وأسباب الاستسقاء بالجملة اما خاصية كبدية واما بمشاركة والأسباب الخاصية أولاها وأعمها ضعف الهضم الكبدي وكانه هو السبب الواصل واما الأسباب السابقة فجميع أمراض الكبد المزاجية والآلية كالصغر والسدد والأورام الحارة والباردة والرهلة والصلبة المشددة لفم العرق الجالب وصلابة الصفاق المحيط بها والمزاجية هي الملتهبة ويفعل الاستسقاء أكثر ذلك بتوسط اليبس أو البرودة وكل يفعل ذلك بتدريج من تحليل الغريزية أو باطفائها دفعة أعني بالتحليل ههنا ما تعارفه الأطباء من أن الغريزة يعرض لها تحليل قليلا قليلا أو طفو كانا من حر أو برد كشرب الماء البارد على الريق وعقيب الحمام والرياضة والجماع والمرطبة المفرطة والمجففة بعد الذوبانات والاستفراغات المفرطة بالعرق والبول والاسهال والسحج والطمث والبواسير وأضر الاستفراغات استفراغ الدم واما الآلية فقد قيل في باب كل واحد منها انه كيف يؤدى إلى الاستسقاء واما أسباب الاستسقاء بالمشاركة فاما أن تكون بمشاركة مع البدن كله بان يسخن دمه جدا أو يبرد جدا بسبب من الأسباب أو يكون بسبب برد المعدة وسوء مزاجها وخصوصا إذا أعقب ذربا أو يكون بسبب الماساريقا أو يكون بمشاركة الطحال لعظمه ولأورام فيه صلبة أو لينة أو حارة أو كثرة استفراغ سوداء يؤدى إلى افراطه إلى نهك الكبد بما ينشر من قوة السوداء المتحركة إلى نهك الكبد وتبريدها أو ايصال أذاها إليه كما يوصل إلى الدماغ فيوسوس وعظم الطحال يؤدى إلى الاستسقاء والى تضعيف الكبد لسببين أحدهما كثرة ما يجذب من الكبد فيسلبها قوتها والآخر بانتهاكه قوة الكبد على سبيل معاضدته لها ومنعه إياها عن توليد الدم الجيد وقد يكون بمشاركة الكلية لبرد الكلية أو لحرارتها خاصة أو لسدد فيها وصلابة فلا تجتذب المائية وان كانت الكبد لا قلبة بها وقد تكون بسبب المعي وأمراضها وخصوصا الصائم لقربه منها أو لأجل المثانة أو الرحم أو الرئة أو الحجاب وليس كل ما حدث بسبب مشاركة الكلية كان لمزاجها بل قد يكون لسددها وأورامها فلا يجذب وكذلك الحال فيما حدث بمشاركة الأمعاء فإنه ليس كله يكون لتغير حال الأمعاء في الكيفيات فقط بل قد يكون لأوجاع المعي من المغص والسحج والقولنج الشديد الوجع وغير ذلك فيضعف ذلك الكبد وكذلك يكون بمشاركة الرحم لا في كيفيتها بل بسبب أوجاعها واحتباس الطمث فيها وربما كان بمشاركة المقعدة لاحتباس دم البواسير وكذلك في الأعضاء الأخرى المذكورة وأكثر ما يشارك أعضاء الثفل بالتقعير وأعضاء الادرار والنفس بالحدبة لكن أكثر المشاركات المؤدية إلى الاستسقاء هي المشاركات مع الكلية والصائم والطحال والماساريقا والمعدة
(٣٨٤)