جالينوس انه كان عرض لروطلس الطبيب ومنها فساد في قوة الفكر والتخيل اما بطلان ويسمى هذا ذهاب العقل واما ضعف ويسمى حمقا ومبدؤهما برد مقدم الدماغ أو يبوسته أو رطوبته وذلك في الأكثر على ما قيل واما تغير وتشوش حتى تكون فكرته في ما ليس ويستصوب غير الصواب ويسمى اختلاط العقل فيدل اما على ورم واما على مادة صفراوية حارة يابسة وهو الجنون السبعي ويكون اختلاط مع شرارة واما على مادة سوداوية وهو المالنخوليا ويكون اختلاطه مع سوء ظن ومع فكر بلا تحصيل والمائل من تلك الأخلاق إلى الجبن أدل على البرد والمائل منها إلى الاجتراء والغضب أدل على الحر وبحسب الفروق التي بينها ونحن نورها بعد وربما كان هذا بمشاركة عضو آخر ويتعرف ذلك بالدلائل الجزئية التي نصفها بعد وبالجملة إذا تحركت الأفكار حركات كثيرة وتشوشت وتفننت فهناك حرارة وقد يقع أيضا تشوش الفكر في أمراض باردة المادة إذا لم تخل عن حرارة مثل اختلاط العقل في ليثرغس ومنها آفة في قوة الذكر اما بان يضعف وما بان يبطل كما حكى جالينوس ان وباء حدث بناحية الحبشة كان عرض لهم بسبب جيف كثيرة بقيت بعد ملحمة بها شديدة فصار ذلك الوباء إلى بلاد اليونان فعرض لهم ان وقع بسببه من النسيان ما نسى له الانسان اسم نفسه وأبيه وأكثر ما يعرض من الضعف في الذكر يعرض لفساد في مؤخر الدماغ من برد أو رطوبة أو يبس ويتشوش فيقع له انه يذكر ما لم يكن له به عهد فيدل على مزاج حار مع مادة أو بلا مادة والمادة اليابسة أولى بذلك كل ذلك إذا لم يفرط المزاج فتسقط القوة ونقول قولا مجملا ان بطلان هذه الأفاعيل ربما يكون لغلبة البرد اما على جرم الدماغ فيكون مما يستولي على الأيام أو على تجاويفه وقد يكون لبرد مع رطوبة وربما جلبه اليبس وكذلك ضعفها واما تغيرها فلورم أو مزاج صفراوي أو سوداوي أو جسم مجرد والاستدلال من أحوال الأحلام مما يليق ان يضاف إلى هذا الموضع فان كثرة رؤية الأشياء الصفر والحارة تدل على غلبة الصفراء وكذلك رؤية أشياء تناسب مزاجا مزاجا ولا يحتاج إلى تعديدها والأحلام المتشوشة تدل على حرارة ويبوسة ولذلك تنذر بأمراض حارة دماغية وكذلك الأحلام المفزعة والتي لا تذكر تدل على برد ورطوبة في الأكثر ورؤية الأشياء كما هي تدل على ذلك * (فصل في الاستدلال من الافعال الحركية وما يشبهها من النوم واليقظة) * وأما الدلائل المأخوذة من جنس الافعال الحركية فاما بطلانها وضعفها فيدل على رطوبة فضلية في آلاتها رقيقة كثيرة ويدل في أي عضو كان على آفة في الدماغ الا أن الأخص به ما كان في جميع البدن كالسكتة أو في شق واحد كالفالج واللقوة الرخوة وربما اتفقا أعني البطلان والضعف من حر الدماغ أو يبسه في نفسه أو في شئ من الأعصاب النابتة عنه لكن ذلك يكون بعد أمراض كثيرة وقليلا قليلا وعلى الأيام والذي في عضو واحد كالاسترخاء ونحو ذلك فربما كان لأمراض خاصة بذلك العضو وربما كان عن اندفاع فضل من الدماغ إليه وأما تغيرها فان كان بغتة دل على رطوبة أيضا وان كان قليلا قليلا فعلى يبوسة أعني في الآلات والذي يخص الدماغ فمثل تغير حركات المصروع بالصرع الذي هو تشنج عام ولا يكون الا عن رطوبة لأنه كائن دفعة أو بمشاركة عضو آخر بحسب ما تبين ويدل على سدة غير كاملة ومثل
(٩)