منهم سعال رطب يحيل خفة من النفث ويكون نفسهم متتابعا ولذلك يكون كلامهم سريعا وتتحرك وترات أنوفهم إلى الانضمام عند التنفس وتلزمهم وتلزمهم حمى دقيقة إلى الاستسقاء وأما علامة الجهة التي فيها المدة فتعرف بان يضطجع العليل مرة على جنب ومرة على آخر والجانب الذي يتعلق عليه ثقل ضاغط هو الجانب المقابل لموضع المدة ويعرف من صوت المدة ورجرجتها وخضخضتها ومن الناس من يضع على المصدر وجوانبه خرقة كتان مغموسة في طين أحمر مداف في الماء ويتفقد الموضع الذي يجف أولا فهو موضع القيح وأما علامات الانفجار السليم فان يكون الانفجار يعقبه سكون الحمى ونهوض الشهوة وسهولة النفث والتنفس أو تحدث معه خراجات في الجنب أو نواحيها تصير نواصير وكذلك الذي يكون منهم أو يبط فتخرج منه مدة نقية بيضاء وأما علامات الردئ فان تظهر علامات الاختناق والغشي أو النفث الردئ أو السل وإذا كوى أو بط خرجت منه مدة حمية منتنة وأما العلامات المفرقة بين المدة وبين البلغم في النفث فهي رسوب مدة النفث في الماء وانتانها على النار والبلغم طاف في الماء غير منتن على النار على أن المدة قد تنفث في غير السل على ما بيناه في موضع متقدم وقد ينفث المتقيح شيئا كثيرا جدا وقد رأيت من نفث في ساعة واحدة قريبا من منوين بالصغير أو منا وأكثر من نصف وجالينوس شهد بأنه ربما قذف المتقيح كل يوم قريبا من خمسين أوقية وهو قريب من تسع قوطولات وقد عرفت الفرق بين المدة وبين الرطوبات الأخرى فان المدة تتميز بالنتن عند النفث وعند الالقاء على النار وترسب لا تطفو وأما علامات انتقال التقيح إلى السل فكمودة اللون وامتداد الجبين والعنق وتسخن الأصابع كلها سخونة لا تفارق حتى فيمن عادة أطرافه أن تبرد في الحميات وحمى تزيد ليلا بسبب الغذاء وتعقف من الأظفار لذوبان اللحم تحتها وتدسم من العينين مع ضرب من البياض والصفرة وعلامات أخرى سنذكرها في باب السل * (فصل في قروح الرئة والصدر ومنها السل) * هذه القروح اما ان تكون في الصدر واما ان تكون في الحجاب واما ان تكون في الرئة وفي هذا القسم الأخير هو السل واما ان تكون في القصبة وقد ذكرناها واسلم هذه القروح قروح الصدر وذلك لان عروق الصدر أصغر واجزاؤه أصلب فلا يعظم فيها الشر ولأن الصديد لا يبقى فيها بل يسيل إلى فضاء الصدر وليس كذلك حال الرئة ولأن حركته غير قوية محسوسة كحركة الرئة بل يكاد أن يكون ساكنا لأنه لحمي واللحمي أقبل للالتحام وكثيرا ما يعرض لقراح الصدر الكائنة عن خراجات متعفنة ان تفسد العظام حتى يحتاج إلى قطع العفن فيها ليسلم ما يجاوره وربما تعدى العفن إلى ما يليه من الغشاء وأما قروح الحجاب فان النافذ فيها لا يلتحم والبتة وغير النافذ اما ان يقع في الاجزاء العصبية فلا يلتحم واما أن يقع في الاجزاء اللحمية فيلتحم ان تدورك في الابتداء ولم يترك ان يرم وأما إذا تورمت أو أزمنت فلا تبرأ وأما قروح الرئة فقد اختلفت الأطباء في أنها تبرأ أو لا تبرأ فقال قوم انها لا تبرأ البتة لان الالتحام يفتقر إلى السكون ولا سكون هناك وجالينوس يخالفهم ويزعم أن الحركة وحدها لا تمنع الالتحام ان لم تضف إليها سائر الموانع والدليل على ذلك أن الحجاب أيضا متحرك ومع ذلك فقد تبرأ قروحه وأما جالينوس نفسه فان قوله في قروح الرئة هو انها ان
(٢٤٨)