* (فصل في تشريح الطحال) * ان الطحال بالجملة مفرغة ثفل الدم وحرافته وهما السوداء الطبيعية والعرضية وله شأن ما وقوة فهو يقاوم القلب من تحت والكبد والمرارة من جانب وإذا جذب كدورة الدم هضمها فإذا حمضت أو عفصت وصلحت لدغدغة فم المعدة ودباغته واعتدال حرها أرسلها إليه في وريد عظيم وإذا ضعف الطحال عن تنقية الكبد وما يليها من السوداء حدثت في البدن أمراض سوداوية من السرطان والدوالي وداء الفيل والقوياء والبهق الأسود والبرص الأسود بل من المالنخوليا والجذام وغير ذلك وإذا ضعف عن اخراج ما يجب ان يخرج عن نفسه من السوداء وجب أيضا ان يكبر ويعظم ويرم وان لا يكون لما يتولد فيه من السوداء مكان فيه وان يحتبس ما يدغدغ فم المعدة وإذا ارسل بافراط اشتد الجوع وان كان حامضا وكان ليس بمفرط فيغثى ويقيئ وربما أحدث في الأمعاء سحجا سوداويا قتالا وإذا سمن الطحال هزل البدن وهزل الكبد فهو أشد ضد للكبد وربما احترقت السوداء في الطحال لا إلى الحموضة المعتدلة وربما انصب كثيرا فاحشا إلى المعدة فأحدث القئ السوداوي وربما كان له أدوار وعرض منه المرض المسمى انقلاب المعدة وإذا كثر استفراغ السوداء ولم تكن هناك حمى فهو لضعف الماسكة أو القوة الدافعة وإذا كثر احتباسها فبالضد والطحال عضو مستطيل لساني متصل بالمعدة من يسارها إلى خلف وحيث الصلب يجذب السوداء بعنق متصل بتقعير الكبد تحت متصل عنق المرارة ويدفعها بعنق نابت من باطنه وتقعيره يلي المعدة وحدبته تلي الأضلاع وليس تعلقها بالأضلاع برباطات كثيرة وقوية بل بقليلة ليفية منسدة بأغشية الأضلاع ومن هذا الجانب يتصل بالعروق الساكنة والضاربة وجانبه المقعر المسطوح يقبل على الكبد والمعدة وان كان موار بالأسفل الكبد واقعا عند أسفل المعدة ويصل بينه وبين المعدة عرق يلتحم بكل واحد منهما وفيه الباسليق أيضا ويدعمه الصفاق المطوى طاقين بشعب تتفرق منه فيه كثيرة العدد صغيرة المقادير تداخل الطحال والثرب وفي الطحال عروق ضوارب وغير ضوارب كثيرة ينضج فيها الدم وتشبه بجوهره ثم تدفع الفضل وجرمه سخيفا ليسهل قبوله للفضل الغليظ السوداوي الذي يداخله ويغشيه غشاء نابت من الصفاق ويشارك الحجاب بسبب ذلك فان منشأ غشاء الحجاب أيضا من الصفاق * (فصل في اليرقان الأصفر والأسود) * اعلم أن اليرقان تغير فاحش من لون البدن إلى صفرة أو سواد لجريان الخلط الأصفر أو الأسود إلى الجلد وما يليه بلا عفونة لو كانت لصحبها غب في الصفراء أو ربع في السوداء وسبب الأصفر في أكثر الامر هو من جهة الكبد ومن جهة المرارة وسبب الأسود من الطحال وقد يكون من الكبد وقد يتفق ان يكون سبب الأصفر والأسود معا هو المزاج العام للبدن فلنتكلم أولا في اليرقان الصفراوي فنقول ان اليرقان الصفراوي اما ان يكون لكثرة تولد الصفراء أو لامتناع استفراغها وكثرة ما يتولد منها اما بسبب العضو المولد أو بسبب المادة التي منها تتولد أو لأسباب غريبة والعضو المولد في الطبع هو الكبد فإنها إذا سخنت جدا للأسباب المسخنة أو الأورام في الكبد وفي مجاري الصفراء أو لسدد تحتبس المرة أو لمرارة أو لحرارة مزاج المرة فتسخن الكبد جدا أحدثت الصفراء على ما علمت في مواضعه واما المولد لا في الطبع فهو جميع البدن إذا سخن سخونة مفرطة أحال جميع
(٤٠٠)