والزعفران نفسه غاية في المنفعة وان كان السبب ضربة أصابت منابت تلك الأعصاب عالجت بما ينبغي من موانع الورم * (المقالة الثانية في الصوت) * الصوت فاعله العضل التي عند الحنجرة بتقدير الفتح ويدفع الهواء المخرج وقرعه وآلته الحنجرة والجسم الشبيه بلسان المزمار وهي الآلة الأولى الحقيقية وسائر الآلات بواعث ومعينات وباعث مادته الحجاب وعضل الصدر ومؤدى مادته الرئة ومادته الهواء الذي يموج عند الحنجرة وإذا كان كذلك فالآفة تعرض له اما من الأسباب الفاعلة واما بسبب الباعث للمادة وآفته اما بطلان واما نقصان واما تغير بحوحة أو حدة أو ثقل أو خشونة أو ارتعاش أو غير ذلك وكل واحد من هذه الأسباب انما يعتل اما لسوء مزاج مفرد أو مع مادة وخصوصا من نزلة تعرض للحنجرة أو لما يعرض لها من انحلال فرد أو انقطاع أو ورم أو وجع أو ضربة أو سقطة وقد تكون الآفة فيه نفسه وقد تكون بشركة المبدأ القريب من الأعصاب التي تتشظى إلى تلك العضل ومباديها أو البعيد كالدماغ وقد تكون بشركة العضو المجاور من أعضاء الغذاء أو أعضاء النفس أو المحيط بهما من البطن والصدر والمتصل بهما من خرزة الفقار أو من الحنك فان تغيره إلى رطوبة أو إلى يبوسة وخشونة قد تغير الصوت ومن هذا القبيل قطع اللهاة واللوزتين فان صاحبها إذا صوت أحس كالدغدغة القوية الملجئة إلى التنحنح وربما انسدت حلوقهم عند كل صياح واما من جهة المؤدى فان الصوت يتغير بشدة حر الرئة أو بردها أو رطوبتها وسيلان القيح إليها من الأورام أو سيلان النوازل إليها أو يبوستها فالحرارة تعظم الصوت والبرودة تخدره وتصغره واليبوسة تخشنه وتشبهه بأصوات الكراكي والرطوبة تبحه والملاسة تعدل الصوت وتملسه وإذا امتلأت الرئة رطوبة ولم تكن القصبة نقية لم يمكن الانسان أن يصوت صوتا عاليا ولا صافيا لان ذلك بقدر صفاء الرئة والحنجرة وضد صفائها وقد يختلف الصوت في ثقله وخفته بحسب سعة قصبة الرئة وضيقها وسعة الحنجرة وضيقها وإذا اشتدت الآفات المذكورة في الأعضاء الباعثة والمؤدية بطل الصوت ولم يجب ان يبطل الكلام فان الكلام قد يتم بالنفس المعتدل كرجل كان أصاب عصبه الراجع عند الحاجة إلى كشفه بالحديد برد فذهب صوته والآخر عولج في خنازير فانقطعت إحدى العصبتين الراجعتين فانقطع نصف صوته وإذا كانت الآفة بالعضل المثنية صار الصوت أبح وإذا كانت بالعضل المحركة الباسطة كان الصوت خناقيا بل ربما حدث منه خناق وإذا كانت بالعضل المحركة القابضة صار الصوت نفخيا وإذا بطل فعلها بطل الصوت وإذا حدث فيها استرخاء غير تام وحاله شبيهة بالرعشة ارتعش الصوت وإذا لم تبلغ الرطوبة ان ترخى أبحت الصوت فالبحة إذا عرضت تعرض عن رطوبة ولو كثرت قليلا أرعشت ولو كثرت كثيرا أبطلت وقد يبح الصوت لسعة آلات التصويت فيحدث بها اعياء أو تورم وتوتر وأردؤه ما كان على الطعام وقد يبح للبرد الخشن وللحر المفرط بما ييبسان المزاج وكذلك السهر والأغذية المخشنة ويبح لكثرة الصياح وتجلب بلة بسببها إلى الطبقة المغشية للحلق والحنجرة والبحوحة التي تعرض للمشايخ لا تبرأ وإذا كان الصيف شماليا يابسا وخريفه جنوبي مطير فان البحوحة تكثر فيه والدوالي إذا ظهرت
(٢٢٥)