ممر وانها معكوسة نافذة من تحت إلى فوق وانها شديدة الحس وانها موضوعة في السفل فلأنها ممر يأتيها الثفل في كل وقت ويحركها ويزيد في آلامها ويفقدها السكون الذي به يتم قبول منافع الأدوية وبه تتمكن الطبيعة من اصلاح ولأنها معكوسة يصعب الزام الأدوية إياها ولأنها شديدة الحس يكثر وجعها وكثرة الوجع جذابة ولأنها موضوعة في أسفل يسهل انحدار الفضول إليها وخصوصا إذا أجاب إلى قبولها ضعف بها من آفة فيها * (فصل في البواسير) * اعلم أن كثيرا ما يظن أن الانسان به بواسير وانما به قروح في المستقيم وفيما لوقه فيجب ان تتأمل ذلك والبواسير تنقسم بضرب من القسمة المشهورة إلى ثؤلولية وهي أردؤها والى عنبية والى توثية والثؤلولية تشبه الثآليل الصغار والعنبية مستعرضة مدورة أرجوانية اللون أو إلى أرجوانية والتوثية رخوة دموية وقد تكون من البواسير بواسير كأنها نفاخات وقد تنقسم البواسير بقسمة أخرى إلى ناتئة والى غائرة وهي أردؤها وخصوصا التي تلي ناحية القضيب فربما حبست البول بالتوريم والناتئة الظاهرة تكون إحدى الثلاثة وأما الغائرة فمنها دموية ومنها غير دموية وقد تنقسم البواسير أيضا إلى منتفخة تسيل وربما سالت شيئا كثيرا لانفتاح عروق كثيرة والى صم عمى لا يسيل منها شئ وأكثر ما تتولد البواسير تتولد من السوداء أو الدم السوداوي وقلما تتولد عن البلغم وإذا تولدت عنه فتتولد كأنها نفاطات وكأنها نفاخات بطون السمك والثؤلولية أقرب إلى صريح السوداء والتوثية إلى الدم والعنبية بين بين وليس يمكن ان تحدث البواسير دون ان تنفتح أفواه العروق في المقعدة على ما قال جالينوس ولذلك تكثر مع رياح الجنوب وفي البلاد الجنوبية والبواسير المنفتحة السيالة لا يجب ان تحبس الدم السائل منها حتى تنتهي إلى الضعف واسترخاء الركبة واستيلاء الخفقان ويرى دم غير اسود وأجوده ان يتحلب قليلا قليلا لا دفعة وإذا مال في النساء دم البواسير إلى الرحم فخرج بالطمث انتفعن به ويجب أيضا ان يفعل ذلك بالصناعة ويدر طمثهن ولأكثر أصحاب البواسير لون يختص بهم وهو صفرة إلى خضرة وكثيرا ما عرض لأصحاب البواسير رعاف فزالت البواسير عنه * (العلاج) * يجب ان يبدأ فيصلح البدن ويستفرغ دمه الردئ بفصد الصافن والعرق الذي خلف العقب وعرق المابض أقوى منهما وحجامة ما بين الوركين تنفع منها وتستفرغ اخلاطه السوداوية ويعالج الطحال والكبد ان وجب ذلك لاصلاح ما يتولد فيهما من الدم الردئ ثم إن لم يكن وجع ولا ورم ولا انتفاخ فلا كثير حاجة إلى علاجها فان علاجها ربما أدى إلى نواصير والى شقاق ثم يجب ان تجتهد في تليين الطبيعة لئلا تؤذى صلابة الثفل المقعدة فيعظم الخطب وأجود ذلك أن تكون المسهلات والملينات من أدوية فيها نفع للبواسير مثل حب المقل ومثل حب الفيلزهرج وحب الدادي وحبوب نذكرها فيجب ان تجتهد في تفتيح الصم وتسييل الدم منها ما أمكن إلى أن تضعف أو يخرج دم احمر صاف ليس فيه سواد فان لم يغن فتدبيره إبانة الباسور واسقاطه بقطعه أو بتجفيفه واحراقه بما يفعل ذلك واعلم أن الدم الذي يسيل من البواسير والمقعدة فيه أمان من الاكلة والجنون والمالنخوليا والصرع السوداوي ومن الحمرة والجاورسية والسرطان والتقشر والجرب والقوابي ومن الجذام ومن ذات الجنب
(٤٧٩)