بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده والصلاة على أنبيائه اعلم انا قد فرغنا من الكتاب الأول والثاني عن ذكر جل العلم النظري والأدوية المفردة وجاز لنا ان نشرع في هذا الكتاب ونذكر فيه الجزء العملي الحافظ للصحة والعملي المفيد للصحة وقسمنا هذا الكتاب على اثنين وعشرين فنا وكل فن يشتمل على عدة مقالات وكل مقالة منقسمة على فصول ونستوفي الكلام في الأمراض الجزئية الواقعة بأعضاء الانسان ظاهرها وباطنها * (الفن الأول من الكتاب الثالث من القانون في أمراض الرأس والدماغ وهو خمس مقالات) * (المقالة الأولى في كليات احكام أمراض الرأس والدماغ) (فصل في معرفة الرأس وأجزائه) قال جالينوس ان الغرض في خلقة الرأس ليس هو الدماغ ولا السمع ولا الشم ولا الذوق ولا اللمس فان هذه الأعضاء والقوى موجودة في الحيوان العديم الرأس ولكن الغرض فيه هو حسن حال العين في تصرفها الذي خلقت له وليكون للعين مطلع ومشرف على الأعضاء كلها في الجهات جميعها فان قياس العين إلى البدن قريب من قياس الطليعة إلى العسكر وأحسن المواضع للطلائع وأصلحها هو الموضع المشرف ثم أيضا لا حاجة إلى خلق الرأس لكل عين على الاطلاق بل للحيوان اللين العين المحتاجة عينه إلى فضل حرز ووثاقة موضع فان كثرا من الحيوانات العديمة الأرؤس خلق له زائدتان مشرفتان من البدن وهندم عليهما عينان ليكون لكل منهما مطلع ومشرف لبصره ثم لم يحتج في تصرفات عينه إلى خلقة رأس لصلابة مقلته وانما الحاجة إلى الرأس للحيوانات التي تحتاج أعينهم إلى كن وتحتاج إلى أن تأتيها أعصاب الحركات
(٢)