لم يشعر به أولا لانصباب الدم إليه من الكبد وغيرها من الأعضاء وخصوصا إذا احتبس ما كان يجب أن يستفرغ من الدم أو عرض قطع عضو يفضل غذاؤه على النحو الذي سلف منا بيانه في أصول أو عرض ترك رياضة معتادة أو شرب علقة فتعلقت بالمعدة أو المرئ أو عرضت بواسير في المعدة والسبب في انفجار العروق وانصداعها ما علمت في الكتب الكلية وما ذكرناه في أول هذه المقالة ويجب أن تعرف منها ما يكون لرخاوة العروق برقته وترهله وما يكون من شدة جفوفها أو غير ذلك بغلظه وكثيرا ما يكون قئ الدم من صحة القوة فيدفع الدم إلى جهة يجد في الحال دفعه إليها أوفق ولذلك كثيرا ما يكون في رطلين من الدم مثلا راحة ومنفعة ذلك إذا انصب فضل الطحال أو الكبد إلى المعدة فقيأ وقذف والذي عن الطحال فيكون أسود عكرا وربما كان حامضا ولا يكون مع هذين وجع وكثيرا ما يقذف الانسان قطعة لحم والسبب فيه لحم زائد ثؤلولي أو باسوري ينبت في المعدة فانقطع بسببه ودفعته الطبيعة إلى فوق وكل قئ دم مع حمى فهو ردئ وأما إذا لم يكن هناك حمى فربما لم يكن رديئا * (العلامات) * أما الذي من المعدة فيفضل عن الذي في المرئ لموضع الوجع اللهم الا أن يكون انفتاح العروق لا من التأكل والقروح فلا يكون هناك وجع الذي عن تأكل فيدل عليه علامة قرحة سبقت ويكون الدم يخرج عنه في الأول قليلا قليلا ثم ربما انبعث شئ كثير والذي عن صحة القوة أن لا ينكر صاحبه من أمره شيئا ويجد خفة عقيب ثفل ويكون الدم صحيحا ليس حادا أكالا أو عفنا قروحيا والذي عن العلقة يكون الدم فيه رقيقا صديديا ويكون قد شرب من ماء عالق والذي عن البواسير فان يكون ذلك حينا بعد حين وينتفعون به ويكون لون صاحبه أصفر والفرق بين الكائن بسبب الكبد وانصبابه منها إلى المعدة والكائن بسبب الطحال والكائن بسبب المعدة نفسها ان ذينك لا وجع معهما والذي عن المعدة فلا يخلو من وجع والذي عن الطحال فيكون أسود عكرا وربما كان حامضا وكثيرا ما يقذف الانسان قطعة لحم والسبب قد ذكرت متقدما كما علمت * (فصل في معالجات القئ مطلقا) * اما الكلام الكلى في علاج القئ فما كان من القئ متولدا عن فساد استعمال الغذاء أصلح الغذاء وجوده وأستعين ببعض ما نذكره من مقويات المعدة العطرة الحارة أو الباردة بسبب الملاءمة وما كان سببه مادة رديئة أو كثيرة استفرغت تلك المادة على القوانين المذكورة بالمشروبات والحقن وقلل الغذاء ولطف واستعمل الصوم والرياضة اللطيفة والحقن المناسبة بحسب العلة نافعة بما يميل من جذب المادة إلى أسفل وكثيرا ما يقطع القئ حقن حادة والقئ أيضا يقطع القئ إذا كان عن مادة فإنك تشفى من القئ إذا قيأت تلك المادة لتخرجها بالقئ اما بمثل الماء الحار وحده أو مع السكنجبين أو مع شبت أو بماء الفجل أو العسل وما أشبه ذلك مما عرفت في موضعه وإذا كان ما يريد أن يستفرغه بقئ أو غير قئ غليظ بدأنا فلطفناه وقطعناه ثم استفرغناه وان كان الغثيان بل القئ أيضا من سوء المزاج عولج بما يبدو له وان احتيج إلى تخدير فعل على ما نصفه عن قريب وغاية ما يقصد في تدبير الغثيان دفع خلط الغثي أو تقليله وتقطيعه ان كان غليظا لزجا أو صلبا أو اصلاحه ان كان عفنا صديديا لعطرية ما يسقى فان العطرية شديدة الملاءمة للمعدة وخصوصا إذا كان غذائيا
(٣٣٩)