ومثل العجز عن الازدراد والغصص والشرق وفي هذه الأمراض ومثل دلائل النفس فان النفس قد ينقطع ويبطل بسبب آفة في الدماغ متعدية إلى الحجاب وأعضاء النفس وكما أن كبر النفس وعظمه أدل على صبارا وضيقه وصغره على السبات السهري والليثرغس وقد يستدل من طريق المشاركات في الأوجاع أيضا على أحوال الدماغ وعلى النحو المذكور وقد يستدل من كيفية المشاركة مثل انه ان بلغ الوجع أصول العين في الصداع دل على أن السبب خارج القحف وقد يستدل أيضا من امتلاء العروق وخلائها ومن لون الجلدة وغير ذلك مما سلف بعضه في خلل أبواب أخرى * (فصل في الاستدلال على العضو الذي يألم الدماغ بمشاركته) * ان أكثر الأعضاء ايذاء للدماغ بالمشاركة هي المعدة فيجب أن يستدل على ذلك من حال الشهوة والهضم وحال الجشاء والقراقر وحال الفواق والغثيان وحال الخفقان المعدى وينظر في كيفية الاستدلال من هذه على المعدة حيث تكلمنا في المعدة ويستدل أيضا من حال الخواء والامتلاء فان مشاركات الدماغ للمعدة وهي ممتلئة أو ذات نفخة يظهر في حال امتلائها وأما مشاركته إياها بسبب الحرارة والمرة الصفراء وأوجاعها التي تكون من ذلك ومن شدة الحس فيظهر في حال الخواء وكثيرا ما يكون الامتلاء سببا لتعدل المزاج وسادا بين البخار الحار وبين الدماغ وأخص ما يستدل به موضع الوجع في ابتدائه واستقراره فان أمراض الدماغ بمشاركة المعدة قد يدل عليها الوجع إذا ابتدأ من اليافوخ ثم انصب إلى ما بين الكتفين ويشتد عند الهضم وقد يمرض الرأس بمشاركته الكبد فيكون الميل من الأوجاع إلى اليمين كما إذا كان بمشاركة الطحال كان الميل من الأوجاع إلى اليسار وقد تكثر مشاركة الدماغ للمراق وما يلي الشراسيف فيكون الوجع مائلا إلى قدام جدا وقد يشارك الرحم فيكون مع أمراض الرحم ودلائلها المذكورة في بابه ويقف الوجع فحاق اليافوخ وأكثر مشاركات الدماغ للأعضاء يقع بأبخرة تصعد إليه وطريق صعودها أما ما يلي قدام الشراسيف فيحس أولا بتمددها إلى فوق وتوتر وضربان في العرق الذي يليها ويحس ابتداء الألم من قدام وأما ما يلي ناحية القفا فيحس ابتداء الألم من خلف وتتوتر العروق والشرايين الموضوعة من خلف ويحس هناك بالضربان وإذا راعيت اعراض العضو المشارك فيجب ان لا يكون العرض عرض لذلك العضو في نفسه بل لسبب مشاركته للدماغ لا مشاركة الدماغ له فإنك كما تستدل من الغثيان على أن العلة الدماغية بشركة المعدة فلا يبعد ان تغلط فتكون العلة في الدماغ أولا وتكون خفية وانما يظهر الغثيان في المعدة لمشاركتها للدماغ في علة خفية به فيجب ان ترجع إلى الأصول التي أعطيناك في الكتاب الأول التي تميز بها الأمراض الأصلية من أمراض المشاركة * (فصل في دلائل مزاج الدماغ المعتدل) * فالدماغ المعتدل في مزاجه هو القوى في الأفاعيل الحساسية والسياسية والحركية المعتدل في انتفاض ما ينتفض منه واحتباسه القوى على مقاومة الاعراض المؤذية أشقر شعر الطفولة نارية أحمر شعر الترعرع والى السواد عند الاستكمال من الخلقة والنشو وسط في الجعودة والسبوطة ونباته ومدة شبابه كل في وقته وشيبه غير مستعجل ولا متأخر عن الوقت الطبيعي
(١٥)