عن مثل رحمين لهما عنق واحد لا كرحم واحدة وتجد أصناف الليف كلها في الطبقة الداخلة والرحم تغلظ وتثخن كأنها تسمن وذلك في وقت الطمث ثم إذا ظهرت ذبلت ويبست ولها أيضا ترفق مع عظم الجنين وانبساطها بحسب انبساط جثة الجنين وإذا جومعت المرأة تدافعت الرحم إلى فم الفرج كأنها تبرز شوقا إلى جذب المني بالطبع وإذا قيل الرحم عصبانية فليس نعنى بها ان خلقها من عصب دماغي بل أن خلقها من جوهر يشبه العصب أبيض عديم الدم لدن ممتد وانما يأتيها من الدماغ عصب يسير يحس به ولو كانت أشد عصبانية لكانت أشد مشاركة للدماغ ورقبة الرحم عضلية اللحم كلها غضروفية كأنها غصن على غصن يزيدها السمن صلابة وتغضرفا والحمل أيضا في وقت الحمل وفيها مجرى محاذية لفم الفرج الخارج ومنها تبلع المني وتقذف الطمث وتلد الجنين وتكون في حال العلوق في غاية الضيق لا يكاد يدخلها طرف ميل ثم تتسع بإذن الله تعالى فيخرج منها الجنين واما مجرى البول ففي موضع آخر وهو أقرب إلى فم الرحم مما يلي أعاليها ومن النساء من رقبة رحمها إلى اليسار ومنهن من هي منها إلى اليمين وقبل افتضاض الجارية البكر يكون في رقبة الرحم أغشية تنتسج من عروق ومن رباطات رقيقة جدا ينبت من كل غصن منها شئ يهتكها الافتضاض ويسيل ما فيها من الدم فاعلم جميع ما قلناه * (فصل في تولد الجنين) * إذا اشتملت الرحم على المني فان أول الأحوال أن تحدث هناك زبدية المني وهو من فعل القوة المصورة والحقيقة من حال تلك الزبدية تحريك من القوة المصورة لما كان في المني من الروح النفساني والطبيعي والحيواني إلى معدن كل واحد منها ليستقر فيه ويتخلق ذلك العضو منه على الوجه الذي أوضحناه وبيناه في كتب الأصول ولذلك يوجد النفخ كله يندفع إلى وسط الرطوبة اعداد المكان القلب ثم يكون عن جانبه الأيمن وجانبه الاعلى نفخان كالمتسعين منه يماسانه إلى حين ثم يتنحيان عنه ويتميزان ويصير الأول علقة للقلب والأيمن علقة للكبد ويمتلئ الآخر من دم إلى بياض وينفذ إلى ظاهر الرطوبة المبثوثة نفذ نفخ ريحي يثقبه لينال منه المدد من الرحم من الروح والدم وتتخلق السرة وأول ما تتخلق السرة تتبين إلى أن نفخات القلب والكبد والدماغ تتقدم خلق السرة وان كان استمام هذه الثلاثة يتأخر عن استمام جوهر السرة وهذا شئ قد حققناه وبينا الخلاف فيه في كتب الأصول من العلم الطبيعي وكما يستقر المني ويزبد وينفذ الزبد إلى الغور نفخا للقلب يتولد الغشاء من حركة منى الأنثى إلى منى الذكر ويكون متبرئا ثم لا يتعلق من الرحم الا بالنقر لجذب الغذاء وانما يغتذي الجنين بهذا الغشاء ما دام الغشاء رقيقا فيها فكانت الحاجة إلى قليل من الغذاء وأما إذا صلب فيكون الاغتذاء بما تولد في مسامه من المنافذ الواضحة العرقية ثم ينقسم بعد مدة أغشية والحق ان أول عضو يتكون هو القلب وان كان يحكى عن أبقراط انه قال أول عضو يتكون هو الدماغ والعينان بسبب ما يشاهد عليه حال فراخ البيض لكن القلب لا يكون في أول ما يتخلق في كل شئ ظاهرا جليا وقد نبغ فضولي من بعد يقول إن الصواب ان يكون أول ما يتخلق هو الكبد لان أول فعل البدن هو التغذي كأن الامر على شهوته واستصوابه وقوله هذا فاسد من طريق التجربة فان أصحاب العناية بهذا الشأن لم يشاهد والامر على ما يزعم
(٥٥٧)