غير تام فلا يجذب البدن من القدر الممكن تناوله من الطعام القدر المحتاج إليه من الغذاء فيكون هزال واما ان لا ينهضم أصلا وذلك على وجهين فإنه حينئذ اما ان يبقى بحاله واما ان يستحيل إلى جوهر غريب فاسد وقد يكون هذا في كل هضم وحتى في الثالث والرابع وبسبب ذلك ما يعرض الاستسقاء والسرطان والنملة والحمرة والبهق والبرص والجرب وذلك لان الدم غير نضيج نضجا ملائما للطبيعة فلا تجتذبه الأعضاء مغتذية به ويعفن وينتن أو تجتذبه ولا يحسن تشبهه بها وان كان الغالب هناك الثقل أو الحرارة اسود وربما صار السوداوي منه مثل القار والمعدة إذا لم تستمرئ أصلا آل الامر إلى زلق الأمعاء إلى الاستسقاء الطبلي لكنه انما يؤل إلى الاستسقاء الطبلي إذا كان للمعدة فيه تأثير قدر ما يبخر من الغذاء دون ما يهضم واعلم أن فاسد الهضم وضعفه وبالجملة آفاته إذا عرضت من مادة ما كانت فهو اقبل للعلاج منه إذا عرض لضعف قوة سوء مزاج مستحكم * (فصل في فساد الهضم) * الطعام يفسد في المعدة لأسباب هي اضداد سبب صلاحه فيها وبالجملة فان السبب في ذلك اما ان يكون في الطعام واما في قابل الطعام واما في أمور عارضة يطرأ عليها والطعام يفسد في المعدة اما لكميته بان يكون أكثر مما ينبغي فينفعل من الهضم دون الذي ينبغي أو أقل مما ينبغي فينفعل من الهضم فوق الذي ينبغي فيحترق ويترمد وبقريب من هذا يفسد الغذاء اللطيف في المعدة النارية الحارة واما لكيفيته بان يكون في نفسه سريع القبول للفساد كاللبن الحليب والبطيخ والخوخ أو بطئ القبول للصلاح كالكمأة ولحم الجاموس أو يكون مفرط الكيفية لحرارته كالعسل أو لبرودته كالقرع أو يكون منافيا للشهوة الطاعم بخاصية فيه أو في الطعام كمن ينفر طبعه عن طعام ما وان كان محمودا أو كان مشتهى عند غيره واما لوقت تناوله وذلك إذا تنوول وفي المعدة امتلاء أو بقية من غيره أو تنوول قبل رياضة معتدلة بعد نفض الطعام الأول واخراجه واما للخطأ في ترتيبه بأن يرتب السريع الانهضام فوق البطئ الانهضام فينهضم السريع الانهضام قبل البطئ الانهضام ويبقى طافيا فوقه فيفسد ويفسد ما يخالطه والواجب في الترتيب ان يقدم الخفيف على الثقيل واللين على القابض الا ان يكون هناك داع مرضى يوجب تقديم القابض لحبس الطبيعة واما لكثرة أصنافه وخلط بعضها ببعض فيمتزج سريع الهضم وبطئ الهضم واما الكائن بسبب القابل فاما في جوهره واما بسبب غيره وما يطيف به ويحدث فيه والذي في جوهره فمثل ان يكون بالمعدة سوء مزاج بمادة أو بغير مادة فيضعف عن الهضم أو يجاوز الهضم كما علمت في الحار والبارد أو يكون جوهرها سخيفا وثربها رقيقا أو يكون احتواؤه غير متشابه ولا جيد أو يكون جيدا الا ان ثقله يكون مؤذيا للمعدة فهي تشتاق إلى حط ما فيها وان لم يحدث قراقر ونفخ وهذان من أسباب ضعف الهضم وبطلانه أيضا واما الذي يكون بسبب غيره فمثل أن يكون في المعدة رياح تحول بينها وبين الاشتمال البالغ على الطعام وإذا قيل إن من أسباب فساد الطعام كثرة الجشاء فليس ذلك من حيث هو جشاء بل من حيث هو ريح يتولد فيمدد المعدة ويطفي الطعام فلا يحسن اشتمال قعر المعدة على الطعام وكل مطف للطعام فهو عائق عن الهضم ومثل ان تكون المعدة يسيل إليها من الرأس أو الكبد أو الطحال أو سائر الأعضاء ما يفسد الطعام لمخالطته
(٣٢٢)