* (فصل في سبب الانتشار) * الانتشار يعرض لامتداد العصبة المجوفة وما يليها مستعرضة ومستطيلة لما ينصب إليها من ريح قوية بسوقها روح شهواني متين فينساق معه دم كثير وروح غليظة لذلك يعرض انتشار عند النوم من سخونة الشرايين التي في أعضاء المني وانجذاب الريح والروح والدم إليها ومما يعين على هذا الانتشار كل ما فيه رطوبة غريبة متهيئة لان تستحيل ريحا تهيأ غير سهل فلا يقوى الهضم الأول على احالتها ريحا وعلى افناء ما أحاله ريحا وتحليله سريعا بل يلبث إلى الهضم الثالث فهنالك ينفخ واستعمال الجماع يقوى هذا العضو ويغلظه وتركه يذيبه ويذبله فان العمل كما قال أبقراط مغلظ والعطلة مذيبة وسبب الشهوة وحركاتها اما وهمي واما بسبب كثرة الريح في الدم الذي يتولد منه المني وتغتذي منه آلات القضيب فينتفخ وينتشر ويكون لذلك ما يحرك من الشهوة لاستعداد العضو لذلك ولأن التمدد يطلب لذعا وأيضا إذا حصل المني في أعضاء الجماع وكثر طلب الانفصال منها وحرك المواد فيها وقد يكون الانتشار بسبب اللذع من مادة ذاهبة في الغدد الموضوعة في جانبي فم المثانة أو مادة رقيقة لطيفة تأتيها من الكلية كما تكون لحركة المني نفسه إذا احتد وكثر ولذع ومدد * (فصل في سبب المني) * المني هو فضلة الهضم الرابع الذي يكون عند توزع الغذاء في الأعضاء راشحة عن العروق وقد استوفت الهضم الثالث وهو من جملة الرطوبة الغريزية القريبة العهد بالانعقاد ومنها تغتذي الأعضاء الأصلية مثل العروق والشرايين ونحوها وربما وجد منها شئ كثير مبثوث في العروق قد سبق إليه الهضم الرابع وبقى أن تغتذي به العروق أو تصل إلى الأعضاء المجانسة فتغتذي به من غير احتياج إلى كثير تغيير ولذلك يؤدى المني منه إليه وعند جالينوس والأطباء أن للذكر والأنثى جميعا زرعا يقال عليه اسم المني فيهما لا باشتراك الاسم بل بالتواطؤ أو في كل واحد من الزرعين قوة التصوير والتصور معا لكن زرع الذكر أقوى في القوة التي منها مبدأ التصوير بإذن الله تعالى وزرع الأنثى أكثر في القوة التي عنها مبدأ التصور وان منى الذكر يندفق في قرن الرحم فيبلعه فم الرحم بجذب شديد وان منى الأنثى يندفق من داخل رحمها من أوعية وعروق إلى موضع الحبل وأما العلماء الحكماء فإذا حصل مذهبهم كان محصوله أن منى الذكر فيه مبدأ التصوير وان منى الأنثى فيه مبدأ التصور في الامر الخاص به فاما القوة المصورة في منى الذكر فتنزع في التصوير إلى شبه ما انفصلت عنه الا أن يكون عائق ومنازع والقوة المتصورة في منى الأنثى تنزع في قبول الصورة إلى أن تقبلها على شبه بما انفصلت عنه وان اسم المني إذا قيل عليهما كان باشتراك الاسم الا أن يتمحل معنى جامع ويسمى له الشئ منيا وأما في المعنى الذي يسمى به دفق الرجل منيا فليس دفق الأنثى منيا وبالحقيقة فان منى الرجل حار نضيج ثخين ومنى المرأة من جنس دم الطمث نضيج يسيرا واستحال قليلا ولم يبعد عن الدموية بعد منى الرجل فلذلك يسميه الفيلسوف المتقدم طمثا ويقولون ان منى الذكر إذا خالط فعل بقوته ولم يكن لجرميته كبير مدخل في تقويم جرمية بدن المولود فان ذلك من منى الأنثى ومن دم الطمث بل أكثر غنائه في جرمية روح المولود واما هو كالإنفحة الفاعلة في اللبن وأما منى الأنثى فهو الاس لجرمية بدن المولد وكل واحد منهما يغزره ما يولد
(٥٣٣)