شتى من حركات المقلة والأجفان لا يصلح لمثلها عضو واحد متباعد متضائل ونحن نستقصي ذلك في باب العين واجزاء الرأس الذاتية وما يتبعها هي الشعر ثم الجلد ثم اللحم ثم الغشاء ثم القحف ثم الغشاء الصلب ثم الغشاء الرقيق المشيمي ثم الدماغ جوهره وبطونه وما فيه ثم الغشاءان تحته ثم الشبكة ثم العظم الذي هو القاعدة للدماغ * (فصل في تشريح الدماغ) * فاما تشريح الدماغ فان الدماغ ينقسم إلى جوهر حجابي والى جوهر مخي والى تجاويف فيه مملوءة روحا وأما الأعصاب فهي كالفروع المنبعثة عنه لا على انها اجزاء جوهره الخاص به وجميع الدماغ منصف في طوله تنصيفا نافذا في حجبه ومخه وبطونه لما في التزويج من المنفعة المعلومة وان كانت الزوجية في البطن المقدم وحده أظهر للحس وقد خلق جوهر الدماغ باردا رطبا أما برده قليلا فلشعله كثرة ما يتأدى إليه من قوى حركات الأعصاب وانفعالات الحواس وحركات الروح في الاستحالات التخيلية والفكرية والذكرية وليعتدل به الروح الحار جدا النافذ إليه من القلب في العرقين الصاعدين منه إليه وخلق رطبا لئلا تجففه الحركات وليحسن تشكله وخلق لينا دسما اما الدسومة فليكون ما ينبت منه من العصب علكا واما اللين فقد قال جالينوس ان السبب فيه ليحسن تشكله واستحالته بالمتخيلات فان اللين أسهل قبولا للاستحالات فهذا ما يقوله (وأقول) خلق لينا ليكون دسما وليحسن غذاؤه للأعصاب الصلبة بالتدريج فان الأعصاب قد تغتذي أيضا من الدماغ والنخاع ثم الجوهر الصلب لا يمد الصلب بما يمده اللين وليكون ما ينبت عنه لدنا إذا كان بعض النابت منه محتاجا إلى أن يتصلب عند أطرافه لما سنذكره من منافع العصب ولما كان هذا النابت محتاجا إلى التصلب على التدريج وتكون صلابته صلابة لدن وجب ان يكون منشؤه جوهر الدنا دسما والدسم اللزج لين لا محالة وأيضا ليكون الروح الذي يحويه الذي يفتقر إلى سرعة الحركة ممدا برطوبة وأيضا ليخف بتخلخله فان الصلب من الأعضاء أثقل من اللين الرطب المتخلخل لكن جوهر الدماغ أيضا متفاوت في اللين والصلابة وذلك لان الجزء المقدم منه ألين والجزء المؤخر أصلب وفرق ما بين الجزأين باندراج الحجاب الصلب الذي نذكره فيه إلى حد ما وانما لين مقدم الدماغ لان أكثر عصب الحس وخصوصا الذي للبصر والشم ينبت منه لان الحس طليعة البدن وميل الطليعة إلى جهة المقدم أولى وعصب الحركة أكثره ينبت من مؤخره وينبت منه النخاع الذي هو رسوله وخليفته في مجرى الصلب وحيث يحتاج إلى أن ينبت منه أعصاب قوية وعصب الحركة ج إلى يحتا فضل صلابة لا يحتاج إليه عصب الحس بل اللين أوفق له فجعل منشؤه أصلب وانما أدرج الحجاب فيه ليكون فصلا وقيل ليكون اللين مبرأ عن مماسة الصلب لان ما يغوص فيه صلب ولين جدا ولهذا الطي منافع أخرى فان الأوردة النازلة إلى الدماغ المفترقة فيه تحتاج إلى مستند والى شئ يشدها فجعل هذا الطي دعامة لها وتحت آخر هذا العطف والى خلقه المعصرة وهي مصب الدماء إلى فضاء كالبركة ومنها تتشعب جداول يفترق فيها الدم ويتشبه بجوهر الدماغ ثم تنسفها العروق من فوهاتها وتجمعها إلى عرقين كما سنذكره في تشريح ذلك وهذا الطي ينتفع به في أن يكون مثبتا لرباطات الحجاب اللصيق بالدماغ في موازاة الدروز من القحف الذي يليه وفي مقدم الدماغ منبت
(٣)