المرض ويكون السبب فيه كثرة مادة تغلي وكذلك يعرض أيضا للكبار في أوجاع الرأس الصعبة وقد يعرض أن يصغر اليافوخ ويلطا الصدغ عند استعلاء الحمرة على الدماغ فقد عرفت إذا دلائل صغر الرأس وكبره ومن علامات جودة الدماغ ان لا ينفعل من أبخرة الشراب وما سنصفه معها وينفعل من تلطيفه وحرارته فيزداد ذهنه * (فصل في الاستدلال من شكل الرأس) * اما دلائل شكله فقد عرفناك في باب عظم القحف ان الشكل الطبيعي للرأس ما هو والردئ منه ما هو وان الرداءة للشكل إذا وقعت في جزء من أجزاء الرأس أضرت لا محالة بخواص أفعال ذلك الجزء من الدماغ كالذي قد قال جالينوس ان المسقط والمربع مذموم دائما والناتئ الطرفين مذموم الا ان يكون السبب فيه قوة من القوة المصورة أي تكون أفرطت في فعلها ويدل على قوة هذه القوة شكل العنق ومقداره والصدر * (فصل في الاستدلال مما يحسه الدماغ بلمسه من ثقل الرأس وخفته وحرارته وبرودته وأوجاعه) * وأما الدلائل المأخوذة من ثقل الرأس وخفته فان ثقل الرأس دائما يدل على مادة فيه لكن المادة الصفراوية تفعل ثقلا أقل واحراقا أشد والسوداوية ثقلا أكثر من ذلك ووسوسة أكثر والدموية ثقلا أشد منهما وضربانا ووجعا في أصول العين لنفوذ الكيموس الحار وحمرة وانتفاخا في العروق أشد والبلغم ثقلا أكثر من الجميع ووجعا أقل من الدموي والصفراوي ونوما أكثر من السوداوي وبلادة فكر وكسلا وقلة نشاط وأما الدلائل المأخوذة من الحرارة والبرودة أعني ما يلمسه الرأس منهما في نفسه وما يلمسه غيره من خارج فلا يخفى عليك اما الحار فدليل على حرارة ان دام فمزاجية وان حدث وأذى فعرضية وكذلك حكم البارد على قياسه وكذلك حكم القشف اليابس وعلى قياسه ان لم يكن برد من خارج مخش مقشف وكذلك الرطب ان لم يكن حر من داخل معرق والأوجاع الأكالة التي تخيل ان في رأس الانسان دبيبا يأكل واللذاعة فإنها تدل على مادة حارة والضربانية على ورم حار ويؤكد دلالتها لزوم الحمى والثقيلة الضاغطة على مادة ثقيلة باردة والممددة على مادة ريحية والانتقال يؤكد ذلك والوجع الذي كأنه يطرق بمطرقة يدل على مثل البيضة والشقيقة المزمنة والوجع أيضا يدل بجهته مثل ان الوجع الذي بمشاركة المعدة يكون على وجه والذي بمشاركة الكبد على هيئة أخرى كما سنذكره وقد يدل مع ذلك بدوامه فان الوجع إذا دام في مقدم الرأس ومؤخره انذر بالعلة المعروفة بقرانيطس * (فصل في الاستدلالات المأخوذة من أحوال أعضاء هي كالفروع للدماغ مثل العين واللسان والوجه ومجاري اللهاة واللوزتين والرقبة والأعصاب) * أما الاستدلال من العين من جملتها فمن حال عروقها ومن حال ثقلها وخفتها ومن حال لونها في صفرته أو كمودته أو رصاصيته أو حمرته وحال ملمسها وجميع ذلك يقارب جدا في الدلالة لما يكون في الدماغ نفسه وقد يستدل بما يسيل منها من الدمع والرمص وما يعرض لها من التغميض والتحديق وأحوال الطرف ومن الغور والجحوظ والعظم والصغر والآلام والأوجاع فان جفاف العين قد يدل على يبس الدماغ وسيلان الرمص والدموع إذا لم يكن لعلة في العين نفسها
(١٣)