شديدة الترطيب الا باردة فاجعل معها البابونج وربما احتجت في تنويمه إلى سقيه دياقوذا فاسقه ماء الرمان الحلو ليرطب أو مع شراب الإجاص ليلين أو مع ماء الشعير وينطله أيضا بماء طبخ فيه الخشخاش للتنويم ولكن الأصوب ان تجعل فيه قليل بابونج وتحلب اللبن على رأسه والأدهان نافعة في ذلك جدا وإذا استعملت النطولات والسعوطات المرطبة والأدهان فاحتل ان ينام بعدها على حال بما ينوم من النطولات والأدهان المسبتة خاصة دهن الخس واسقه من الأشربة ما يرطب كماء الشعير ولا تسقه ما يجرى مجرى السكنجبين وما فيه تلطيف وتجفيف وتقطيع وكلما رأيت الطبيعة صلبة فاحقن لئلا ترتفع إلى الرأس بخارات مؤذية من النقل ويجب ان يسقوا في مياههم أصول الرازيانج البري وبزره واصل الكرمة البيضاء وهو الفاشرا فإنها نافعة منه والشربة منه كل يوم مثقال فان لم يشربوا دس ذلك في طعامهم ويجلس بين يدي العليل من يستحى منه ويهابه ويشد فخذاه وساقاه دائما ليجذب البخار إلى أسفل وان خيف أن يجنوا على أنفسهم ربطوا ربطا شديدا وادخلوا في قفص وعلقوا في معلاق مرتفع كالأرجوحة ويجب أن تكون أغذيتهم رطبة على كل حال الا انها مع رطوبتها يجب أن لا تكون مما يحدث السدد مثل النشاء وما أشبهه فان ذلك ضار لهم جدا ولا يعطون ما يدر البول كثيرا فان ذلك يضرهم وسائر علاجاتهم فيما يجب أن يتوقوه ويحذروه هو علاج المالنخوليا ونذكره في بابه وإذا انحطوا فلا باس بان يسقوا شرابا كثيرا المزاج فان ذلك يرطبهم وينومهم وعليك أن تجتنب من الأشياء الحارة المسخنة * (فصل في المالنخوليا) * يقال مالنخوليا لتغير الظنون والفكر عن المجرى الطبيعي إلى الفساد والى الخوف والرداءة لمزاج سوداوي يوحش روح الدماغ من داخل ويفزعه بظلمته كما توحش وتفرغ الظلمة الخارجة على أن مزاج البرد واليبس مناف للروح مضعف كما أن مزاج الحر والرطوبة كمزاج الشراب ملايم للروح مقو وإذا تركت مالنخوليا مع ضجر وتوثب وشرارة انتقل فسمى مانيا وانما يقال مالنخوليا لما كان حدوثه عن سوداء محترقة وسبب مالنخوليا اما ان يكون في الدماغ نفسه وأما من خارج الدماغ والذي في الدماغ نفسه فإنه اما أن يكون من سوء مزاج بارد يابس بلا مادة تنقل جوهر الدماغ ومزاج الروح النير إلى الظلمة واما أن يكون مع مادة والذي يكون مع مادة فاما ان تكون المادة في العروق صائرة إليها من موضع آخر أو مستحيلة فيها إلى السواد باحتراق ما فيها أو تعكره وهو الأكثر أو تكون المادة متشربة في جرم الدماغ أو تكون مؤذية للدماغ بكيفيتها وجوهرها فتنصب في البطون وكثيرا ما يكون انتقالا من الصرع والذي يكون سببه خارج الدماغ بشركة شئ آخر يرتفع منه إلى الدماغ خلط أو بخاره مظلم فاما ان يكون ذلك الشئ في البدن كله إذا استولى عليه مزاج سوداوي أو الطحال إذا احتبس فيه السوداء ولم يقدر على تنقيتها أو عجز ولم يقدر على جذب السوداء من الدم واما لأنه قد حدث به ورم أو لم يحدث بل آفة أخرى أو لسبب شدة حرارة الكبد واما أن يكون ذلك الشئ هو المراق إذا تراكمت فيها فضول من الغذاء ومن بخار الأمعاء واحترقت اخلاطه واستحالت إلى جنس سوداوي أحدثت ورما أو لم تحدث فيرتفع منها بخار مظلم إلى الرأس ويسمى هذا نفخة مراقية ومالنخوليا نافخا ومالنخوليا مراقيا وهو كثيرا ما يقع عن ورم
(٦٥)