كان الغشي الذي يقع منه سببا لقطعه وأما الأغذية فعدسية بسماق أو بخل أو بحصرم وما أشبه ذلك والجبن الرطب من الأغذية الملائمة للمرعوفين وكذلك الألبان المطبوخة حتى تغلظ والبيض المسلوق لمن يستعد للرعاف لمرارة دمه على أن الحوامض ربما ضرت بالمراعيف لما فيها من التقطيع والتلطيف وقد زعم جماعة من المجربين ان أدمغة الدجاج لمن أفضل الغذاء لهم بل من أفضل الدواء لمن به رعاف من سقطة وضربة ولكن يجب ان يكثر منه ويكون مرات متوالية واما الشراب فإنه ينفع من حيث إنه يقوى ويضر من حيث إنه يهيج الدم فإذا اضطررت إليه من حيث يقوى فامزجه قليلا وإذا لم تضطر إليه ولم يكن الرعاف قد ناهز اسقاط القوة فلا تسقه ويجب ان يراعى حتى لا ينزل شئ منه إلى البطن فينفخ المعدة ويضعف النبض ويهيج الغشي فان نزل شئ فيجب ما دام في المعدة ان يتقيأ ويبادر ذلك كما يحس بنزوله إلى المعدة فان جاوزها فيجب ان يحقن ليخرج بسرعة ولا يبقى في المعدة (وفي التدبير المرعف) ان الضرورة ربما صوبت الترعيف وخصوصا في الأمراض الدماغية ولذلك ما كان القدماء يتخذون آلة مرعفة تعقر الانف ليعالجوا بذلك كثيرا من الأمراض المحتاج في عاقبتها إلى رعاف سائل ومن التدبير في الترعيف الدغدغة بأطراف النبات اللين الجس الخشن خصوصا الذي ينبت على العشب الإذخري كالزهر ويكون كالعنكبوت والشياف المتخذ من فقاح الإذخر أو من الفودنج البري أو المتخذ من الأدوية الحادة كالكندس والميويزج والفربيون معجونة بمرارة البقر ويستعمل * (فصل في الزكام والنزلة) * هاتان العلتان مشتركتان في أن كل واحد منهما سيلان المادة من الدماغ لكن من الناس من يخص باسم النزلة ما نزل وحده إلى الحلق وباسم الزكام ما نزل من طريق الانف ومن الناس من يسمى جميع ذلك نزلة ويسمى بالزكام ما كان نازلا من طريق الانف رقيقا وملحا متواترا مانعا للشم منصبا إلى العين وجلدة الوجه وبالجملة إلى مقدمة أعضاء الوجه والنزلة قد تنتفض إلى الحلق والرئة والى المرئ والمعدة فربما قرحتها وكثيرا ما يهيج بها الشهوة الكلبية وقد تنتفض في العصب إلى أبعد الأعضاء وقد يتولد منها الخوانيق وذات الرئة وذات الجنب والسل خاصة ولا سيما إذا كانت النزلة حارة حادة وأوجاع المعدة واسهال وسحچ إذا كانت حامضة أو مالحة وقد يتولد منها أيضا القولنج وخصوصا من المخاطي الخام منها وسبب جميع ذلك اما حرارة مزاجية خاصة أو خارجية من شمس أو سموم أو شم أدوية مسخنة كالمسك والزعفران والبصل واما برودة مزاجية خاصة أو واردة من خارج من هواء بارد وشمال وخصوصا إذا كشف الرأس لهما ولا سيما وقت ما يتخلخل الدماغ من حمام أو رياضة أو غضب أو فكر أو غير ذلك وقد يحدث من الفصد تخلخل يهئ البدن لقبول الحر والبرد فيحدث النزلة لا سيما بعد فصد كثير وكذلك في سوء المزاج الحار المصيب والبرد المزاجي إذا قوى واستحكم كما يكون في المشايخ يقال انها لا تنضج الا بعد أن يبلغوا الغاية في صحة المزاج وحرارته وان الدماغ البارد إذا وصل إليه الغذاء في المشايخ وفي ضعفاء الدماغ فلم يهضم فيه ما ينفذ إليه لضعفه فضل ونزل والكائن من البرد أكثر من الكائن من الحر وأصحاب المزاج الحار أشد استعدادا لقبول الأسباب الخارجية الفاعلة للزكام من أصحاب
(١٦٦)