بالجوهر الذي هو أغلب في مزاجه من غير أن يكون الهواء وحده كما ظن بعضهم يستحيل روحا كما لا يكون الماء وحده يغذو عضوا ولكن لكل واحد منهما اما جزء غاذ واما منفذ مبذرق اما الماء فلغذاء البدن واما الهواء فلغذاء الروح وكل واحد من غذاء البدن والروح جسم مركب لا بسيط وأما منفعة اخراج الفضل المحترق من الروح وهو دخانيته والرئة لدخول الهواء البارد فان هذا المستنشق يكون لا محالة قد استحال إلى السخونة فلا ينفع في تعديل الروح وأما تشعب العروق والقصبة في الرئة فان القصبة والشريان الوريدي يشتركان في تمام فعل النفس والشريان الوريدي والوريد الشرياني يشتركان في غذاء الرئة من الدم النضيج الصافي الجائي من القلب واما منفعة اللحم فليسد الخلل ويجمع الشعب واما تخلخله فليصلح للاستنشاق فإنه ليس انما ينفذ الهواء في القصبة فقط بل قد يتخلص إلى جرم الرئة منه وفي ذلك استظهار في الاستكثار وليعين أيضا بالانقباض على الدفع فيكون مستعد للحركتين ولذلك ما تنتفخ الرئة بالنفخ وأما بياضه فلغلبة الهواء على ما يغتذى به ولتردده الكثير فيه وما انقسامها باثنتين فلئلا يتعطل التنفس لآفة تصيب أحد الشقين وكل شعبة تتشعب كذلك إلى شعبتين واما الخامسة التي في الجانب الأيمن فهي فراش وطئ للعرق المسمى الأجوف وليس نفعه في النفس بكثير ولما كان القلب أميل يسير إلى الشمال وجد في جهة الشمال شاغل لفضاء الصدر وليس في اليمين فحسن ان يكون الرئة في جانب اليمين زيادة تكون وطاء للعروق فقد وقعت حاجة والرئة يغشيها غشاء عصبي ليكون لها على ما علمت حسن ما يوجه فان لم يكن مداخلا كان مجللا على أن الرئة نفسها وطاء للقلب بلينها ووقاية له والصدر مقسوم إلى تجويفين يفصل بينهما غشاء ينشأ من محاذاة منتصف القص فلا منفذ من أحد التجويفين إلى الآخر وهذا الغشاء بالحقيقة غشآن وهو يتصل من خلف بالفقار ومن فوق بملتقى الترقوتين والغرض في خلقهما أن يكون الصدر ذا بطنين ان أصلب أحدهما آفة كمل الآخر أفعال التنفس وأغراضه ومن منافعها ربط المرئ والرئة وأعضاء الصدر بعضها لبعض واما الحجاب فقد ذكرنا صورته ومنفعته في تشريح العضل فإنه بالحقيقة أحد العضل وهو من ثلاث طبقات المتوسطة منها هي حقيقة الوتر الذي به يتم فعلها والطبقة التي فوقها هي كالأساس والقاعدة لأغشية الصدر التي تستبطنه والطبقة السافلة مثل ذلك لأغشية الصفاق وفي الحجاب ثقبان الكبير منهما منفذ المرئ والشريان الكبير والأصغر ينفد فيه الوريد المسمى الأبهر وهو شديد التعلق به والالتحام * (فصل في أمزجة الرئة وطرق سلامات أحوالها) * نقول أما المزاج الحار فيدل عليه سعة الصدر وعظم النفس وربما تضاعف والنفخة والصوت وثقله وقلة التضرر بالهواء البارد وكثرته بالحار واعراض عطش يسكنه النسيم البارد كثيرا من غير شرب وكثيرا ما يصحبه لهب وسعال واما المزاج البارد فيدل عليه صغر الصدر وصغر النفس والصوت وحدتهما والتضرر بكل بارد وكثرة تولد البلغم فيها وكثيرا ما يتضاعف به النفس ويصحبه الربو والسعال وأما المزاج الرطب فيدل عليه كثرة الفضول وبحوحة الصوت والخرخرة وخصوصا إذا كانت مع مادة وكانت مائلة إلى فوق والعجز عن رفع الصوت لا لضعف البدن وأما المزاج اليابس فيدل عليه
(٢١٠)