لهم أصيل فان كان السبب درورا احتبس من طمث أو مقعدة أو غير ذلك فادرأ فان حدث سقوط الشهوة فالعلة رديئة والجفاف مستول وان عرضت في أبدانهم قروح دل على موت قريب ومن كانت السوداء في بدنه منهم متحركة فهو أقبل للعلاج ممن لم تكن سوداؤه كذلك والذي تكون فيه السوداء متحركة فهو الذي يظهر في القئ وفي البراز والبول وفي لون الجلد والبهق والكلف والقروح والجرب والدوالي وداء الفيل والسيلان من المقعدة ونحو ذلك فان ذلك كله يدل على أنه قاتل للتمييز عن الدم وإذا ظهر بهم شئ من هذا فهو علامة خير وإذا عرض لبعضهم تشنج بعد الاسهال والاستفراغ فإنهم أولى بذلك من غيرهم ليبسهم فيجب ان يقعدوا في ماء فاتر ويطعمون خبزا منقوعا في جلاب وقليل شراب ويسقوا ماء ممزوجا ثم ينومون ويحممون بعده ثم يغذون كما يخرجون * (فصل في القطرب) * هو نوع من المالنخوليا أكثر ما يعرض في شهر شباط ويجعل الانسان فرارا من الناس الاحياء محبا لمجاورة الموتى والمقابر مع سوء قصد لمن يغافضه ويكون بروز صاحبه ليلا واختفاؤه وتواريه نهارا كل ذلك حبا للخلوة وبعدا عن الناس ومع ذلك فلا يكن في موضع واحد أكثر من ساعة واحدة بل لا يزال يتردد ويمشي مشيا مختلفا لا يدرى أين يتوجه مع حذر من الناس وربما لم يحذر بعضهم غفلة منه وقلة تفطن لما يرى ويشاهد ومع ذلك فإنه يكون على غاية السكون والعبوس والتأسف والتحزن اصفر اللون جاف اللسان عطشان وعلى ساقه قروح لا تندمل وسببها فساد مادته السوداوية وكثرة حركة رجله وتنزل المواد إليها ولا سيما هو كل وقت يعثر ويعاك رجله شئ أو يعضه كلب فيكون ذلك سببا لكثرة انصباب المواد إلى ساقيه فيكون فيها القروح ولبقائها على حالها وحال أسبابها لا تندمل ويكون يابس البصر لأي دمع بصره ويكون بصره ضعيفا وغائرا كل ذلك ليبس مزاج عينه وانما سمى هذا قطر بالهرب صاحبه هربا لانظمام له ولأجل مشيه المختلف فلا يعلم وجهه وكما يهرب من شخص يظهر له فإنه لقلة تحفظه وغور صواب رأيه يأخذ في وجهه فيلقى شخصا آخر فيهرب من الرأس إلى جهة أخرى والقطرب دويبة تكون على وجه الماء تتحرك عليه حركات مختلفة بلا نظام وكل ساعة تغوص وتهرب ثم تظهر وقيل دويبة أخرى لا تستريح وقيل الذكر من السعالى وقيل الذئب الأمعط والأشبه لموضعنا القولان الأولان وسبب هذه العلة السوداء والصفراء المحترقة (المعالجات) علاجه علاج المالنخوليا بعينه إذا كان من صفراء أو سوداء محترقة ويجب ان تبالغ في فصده حتى يخرج منه دم كثير ويقارب الغشي ويدير بالأغذية المحمودة والحمامات الرطبة ويسقى ماء الجبن ثلاثة أيام ثم بعد ذلك يستفرغ بأيارج أركاغانيس ثم يحتال في تنويمه ثم يقوى قلبه بعد الاستفراغ بالترياق وما يجرى مجراه ومع ذلك يرطب جدا وينطل بالمنومات لئلا يجتمع تسخين تلك الأدوية التي لابد منها مع حركات رياضية بل يحتاج ان يسخن قلبه بما يقويه ويرطب بدنه وينوم ليعتدل مزاجه وتمام علاجه التنويم الكثير وان يسقى الافتيمون أحيانا لتهدأ طبيعته ويقطع فكره وإذا لم ينجع في الدواء والعلاج أدب وأوجع وضرب رأسه ووجهه وكوى يافوخه فإنه يفيق فان عاد أعيد * (فصل في العشق) * هذا مرض وسواسي شبيه بالمالنخوليا يكون الانسان قد جلبه
(٧١)