ورياح مؤذية بالكمية حتى يجتمع منها على سبيل التصعيد ثم يتكاثف بعده مادة ذات قوام تفعل بقوامها أو بما يتكون منها من ريح واما ان يرتفع إليه بخار أو ريح مؤذ لا لكمية بل بالكيفية اما بالاجماد واما بالاحراق واما بالسمية ورداءة الجوهر واما ان ترتفع إليه كيفية ساذجة فقط واما ان يرتفع إليه ما يؤذى من الوجهين وأما العضو الذي يرتفع منه إلى الدماغ بخارات تصرع بكثرتها فهو اما جميع البدن واما المعدة واما الطحال واما المراق ويقع ذلك أيضا في سائر الأعضاء وأما المؤذى ببخار ردئ الجوهر والكيفية فهو في جميع البدن أيضا حتى أصبح الرجل واليد ويكون سبب ذلك احتباس دم أو خلط في منفذ قد عرضت له سدة فتنقطع عنه بالحرارة الغريزية فيموت فيه ويعفن ويستحيل إلى كيفية رديئة وينبعث منه على الأدوار أو لا على الأدوار مادة بخارية أو كيفية سمية أو يكون وقع عليها بعض السموم فاثرت في العصب كما يؤثر لسع العقرب على العصب فتندفع سميته بوساطة العصب إلى الدماغ فيؤذيه فينقبض منه ويتشنج وتضطرب حركاته كما يصيب المعدة عند تناول ماله لذع على الخلاء مثل الفواق وعند كون فم المعدة قوى الحس والفواق نوع من التشنج وإذا عرض للدماغ من مثل هذا السبب تشنج وانقباض فإنه حينئذ يتبعه انقباض جميع العصب وتشنجه وحكى جالينوس عن نفسه انه كان يصيبه الفواق عند تناوله الفلافلي ثم الشرب للشراب بعده لتأذى فم المعدة بالحدة وقد شاهدنا قريبا من ذلك لغيره وقد حكى جالينوس وغيره وشاهدنا نحن أيضا بعده ان كثيرا ما كان يحس المصروع بشئ يرتفع من ابهام رجله لريح باردة ويأخذ نحو دماغه إذا وصل إلى قلبه ودماغه صرع قال جالينوس وكان إذا ربط ساقه برباط قوى قبل النوبة امتنع ذلك أو خف وقد شاهدنا نحن من هذا الباب أمورا عجيبة وقد كوى بعضهم على إبهامه وبعضهم على إصبع آخر كان البخار من جهته فبرأ ومن هذا الباب الصرع الذي يعرض بسبب الديدان أو حب القرع وضرب من الصرع مركب بالغشي يكاد الأطباء يخرجونه من باب الصرع وهو فيه وضرب منه ومن قبيله يسمى اختناق الرحم وهو ان المرأة إذا عرض لها ان احتبس طمثها لا في وقته فاحتقن أو احتبس منيها لترك الجماع استحال ذلك في رحمها إلى كيفية سمية وكان له حركات وتبخيرات اما بأدوار واما لا بأدوار فيعرض ان يرتفع بخارها إلى القلب والدماغ فتصرع المرأة وكذلك قد يتفق للرجل ان يجتمع في أوعية المني منه منى كثير ويتراكم ويبرد ويستحيل إلى كيفية سمية فيصيبه مثل ذلك كذلك يتفق للمرأة صرع في الحمل فإذا وضعت واستفرغت المادة الرديئة الطمثية زال ذلك وقد حكى لنا صرع يبتدئ من الفقار وصرع يبتدئ من الكتف وغير ذلك وأما أي يكون من المعدة ومن المراق وبسبب تخم تورث سددا في العروق فلا تقبل الغذاء المحمود ويفسد فيها الخلط أو يبقى فيها الغذاء المحمود مختنقا للسدد فيفسد وكثيرا ما يتراجع إلى المعدة فاسدا فيفسد الغذاء الجديد المحمود الكيموس وكثيرا ما يعرض بسبب ذلك القئ للطعام غير منهضم وعلى كل حال كان الصرع بشركة أو بغير شركة فان مبدأ الصرع القريب هو الدماغ أو البطن المقدم منه والبطون الاخر معه لان أول آفة يعتد بها تقع في حس البصر والسمع وفي حركات عضل الوجه والجفن وان كان سائر الحواس والأعضاء المتحركة تشترك في الآفة ولولا المشاركة في الآفة لسائر البطون لما بطل الفهم
(٧٨)