إلى نفسه بتسليط فكرته على استحسان بعض الصور والشمائل التي له ثم اعانته على ذلك شهوته أو لم تعن وعلامته غؤر العين ويبسها وعدم الدمع الا عند البكاء وحركة متصلة للجفن ضحاكة كأنه ينظر إلى شئ لذيذا أو يسمع خبرا سارا أو يمزح ويكون نفسه كثير الانقطاع والاسترداد فيكون كثير الصعداء ويتغير حاله إلى فرح وضحك أو إلى غم وبكاء عند سماع الغزل ولا سيما عند ذكر الهجر والنوى وتكون جميع أعضائه ذابلة خلا العين فإنها تكون مع غؤر مقلتها كبيرة الجفن سميته لسهره وتزفره المنجر إلى رأسه ولا يكون لشمائله نظام ويكون نبضه نبضا مختلفا بلا نظام البتة كنبض أصحاب الهموم ويتغير نبضه وحاله عند ذكر المعشوق خاصة وعند لقائه بغتة ويمكن من ذلك أن يستدل على المعشوق انه من هو إذا لم يعترف به فان معرفته معشوقة أحد سبيل علاجه والحيلة في ذلك أن يذكر أسماء كثيرة تعاد مرارا ويكون اليد على نبضه فإذا اختلف بذلك اختلافا عظيما وصار شبه المنقطع ثم عاود وجربت ذلك مرارا علمت أنه اسم المعشوق ثم يذكر كذلك السكك والمساكن والحرف والصناعات والنسب والبلدان وتضيف كلامتها إلى اسم المعشوق ويحفظ النبض حتى إذا كان يتغير عند ذكر شئ واحد مرارا جمعت من ذلك خواص معشوقه من الاسم والحلية والحرفة وعرفته فانا قد جربنا هذا واستخرجنا به ما كان في الوقوف عليه منفعة ثم إن لم تجد علاجا الا تدبير الجميع بينهما على وجه يحله الدين والشريعة فعلت وقد رأينا من عاودته السلامة والقوة وعاد إلى لحمه وكان قد بلغ الذبول وجاوزه وقاسى الأمراض الأصعبة المزمنة والحميات الطويلة بسبب ضعف القوة لشدة العشق لما أحس بوصل من معشوقه بعد مطل معاودة في أقصر مدة قضينا به العجب واستدللنا على طاعة الطبيعة للأوهام النفسانية (المعالجات) تتأمل هل أدت حاله إلى احتراق خلط بالعلامات التي تعرفها فنستفرغ ثم تشتغل بترطيبهم وتنويمهم وتغذيتهم بالمحمودات وتحميهم على شرط الترطيب المعلوم وايقاعهم في خصومات واشغال ومنازعات وبالجملة أمور شاغلة فان ذلك ربما أنساهم ما أدنفهم أو يحتال في تعشيقهم غير المعشوق ممن تحله الشريعة ثم ينقطع فكرهم عن الثاني قبل ان تستحكم وبعد ان يتناسوا الأول وان كان العاشق من العقلاء فان النصيحة والعضة له والاستهزاء به وتعنيفه والتصوير لديه أن ما به انما هو وسومه وضرب من الجنون مما ينفع نفعا فان الكلام ناجع في مثل هذا الباب وأيضا تسليط العجائز عليه ليبغضن المعشوق إليه ويدكرن منه أحوالا قذرة ويحكين له أمورا منفرا منها يحكين له منه الجفاء الكثير فان هذا مما يسكن كثيرا وان كان قد يغرى آخرين ومما ينفع في ذلك أن تحاكي هؤلاء العجائز صورة المعشوق بتشبيهات قبيحة ويمثلن أعضاء وجهه بمحاكيات مبغضة ويدمن ذلك ويسهبن فيه فان هذا عملهن وهن أحذق فيه من الرجال الا المخنثين فان المخنثين لهم أيضا فيه صنعة لا تقصر عن صنعة العجائز وكذلك يمكنهن ان يجتهدن في أن ينقلن هوى العاشق إلى غير ذلك المعشوق بتدريج ثم يقطعن صنيعهن قبل تمكن الهوى الثاني ومن الشواغل المذكورة اشتراء الجواري والاكثار من مجامعتهن والاستجداد منهن والطرب معهن ومن الناس من يسليه اما الطرب والسماع ومنهم من يزيد ذلك في غرامه ويمكن ان يتعرف ذلك وأما الصيد وأنواع اللعب والكرامات المتجددة من السلاطين وكذلك تنوع الغموم
(٧٢)