ويراه أحد أسباب الصرع وإذا كان هناك خلط ساد فان الدماغ مع ذلك أيضا ينقبض لدفع المؤذى مثل ما يعرض للمعدة من الفواق والتهوع ومثل ما يعرض من الاختلاج إذ كان التقبض والانعصار أصلا في دفع الأعضاء ما تدفعه وإذا تقبض الدماغ اختلفت حركاته وتبعه تقبض العصب في الوجه وغيره واختلاف حركاته وأما الإفاقة فاما ان تقع لاندفاع الخلط أو لتحلل الريح أو لاندفاع المؤذى وأما التشنج النازل إلى الأعضاء الذي يصحب الصرع فسببه ان المادة التي تغشى الدماغ أو الأذى الذي يلحقه يلحق العصب أيضا فتكون حالها حاله وذلك لعلل ثلاث اتباعها لجوهر الدماغ وتأذيها بما يتأذى به وامتلاؤها من الخلط المندفع إليها في مباديها ليزداد عرضها وينقص طولها وانما كان الصرع يجرى مجرى التشنج ليس مجرى الاسترخاء فيفعل انقباضا من الدماغ ويقصلها ولا يفعل استرخاء وانبساطا لان الدماغ يحاول في ذلك دفع شئ عن نفسه والدفع انما يتأتى بالانقباض والانعصار وكل تشنج مادي فإنه ينتفع بالحمى والصرع تشنج مادي فهو ينتفع بالحمى والأورام إذا ظهرت به فربما حلته ونقصت مادته وكثيرا ما ينتقل المالنخوليا إلى الصرع وكثيرا ما ينتقل الصرع إلى المالنخوليا وقد ظن بعض الناس انه قد يكون من الصرع ما ليس عن مادة فان عنى بهذا ان السبب فيه بخارا وكيفية تضر بالدماغ فيفعل فيه التقلص المذكور فلقوله معنى وان عنى ان سبب ذلك هو نفس المزاج الساذج إذا كان في الدماغ فيفعل الصرع فلذلك ما لا وجه له لان تلك الكيفية إذا كانت قد تكيف بها الدماغ وجب ان يكون الصرع ملازما إياها ولا يكون مما يزول في الحال بل سبب الصرع هو مما يكون دفعة ويزول في الحال أو يغلب فيقتل ومثل ذلك لا يكون كيفية حاصلة في نفس الدماغ بل مادة وكيفية تتأدى إليه وتنقطع وذلك من عضو آخر لا محالة والذي يعرض في الصرع لاضطراب حركة النفس لا لاختناقه وذلك الاضطراب لاضطراب التشنج ويعرض في السكتة للاختناق ولاستكراه التنفس فكان الصرع تشنج يخص أولا الدماغ والتشنج صرع يخص أولا عضوا ما وكان حركة العطاس حركة صرع خفيف وكان الصرع عطاس كبير قوى الا ان أكثر دفع العطاس إلى جهة المقدم لقوة القوة وضعف المادة ودفع الصرع إلى أي وجه كان أمكن وأسهل ويجب ان يحصل مما قيل إن الصرع إذا كان في الدماغ نفسه فالسبب فيه مادة لا محالة تفعل ريحا محتبسة في مجاري الحس والحركة أو تملأ البطنين المتقدمين بعض الملء وهذه المادة اما دم غالب وكثير واما بلغم واما سوداء واما صفراء وهو قليل جدا وبعده في العلة الدم الساذج واما الدم الذي يضرب مزاج السوداء والبلغم فقد يكثر كونه سببا لكن السبب الأكثر هو الرطوبة مجردة أو إلى السوداء فان أغلب ما يعرض الصرع يغلب عن بلغم وقد قال بقراطات أكثر الغنم التي تصرع إذا شرح عن أدمغتها وجد فيها رطوبة رديئة منتنة وكل سبب للصرع دماغي فإنه يستند إلى ضعف الهضم فيه فلا يخلو اما ان يكون في جوهر الدماغ ومخيته وهو أردأ واما ان يكون في أغشيته وهو أخف والصرع السوداوي القوى أردأ وان كان البلغمي أكثر فان السوداوي أسد لمنافذ الروح والمخصوص عند بعضهم باسم أم الصبيان قاتل جدا وإذا اتصلت نوائب الصرع قتل وأما الصرع الذي يكون سببه في عضو آخر فذلك اما بأن يرتفع منه إلى الدماغ بخارات
(٧٧)