آفته التي تصرعه ودواؤها عندهم، وعلى رغم ذلك كله فإنهم يتعاملون معه كمجنون أو مصروع فيطؤون عنقه بأرجلهم ويضربونه بالنعال بحجة العادة الموروثة عندهم أن مثل هذا يضرب بمثل هذا.
وليس العجب من وطئ الصحابة على عنق أبي هريرة وضربه بالنعال لأنه من المستساغ عندهم ضرب المجنون والمصروع ليخرج منه الجن فيفيق وقد أشار بن القيم الجوزية " ت 751 ه " إلى مثل هذا الاعتقاد في كتابه " الروح " في أخر المسألة التاسعة عشرة وهو في معرض الدفاع عن جسمية الروح وإن الجسم اللطيف يدخل في الكثيف ويسري فيه قائلا: " منها دخول الماء في العود والسحاب ودخول النار في الحديد ودخول الغذاء في جميع أجزاء البدن ودخول الجن في المصروع " (1).
واحتج لذلك في الطب النبوي فصل علاج المصروع بعد أن قسمه إلى صرع الأرواح وصرع الأخلاط - بالحديث الذي أورده بلا سند عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: " اخرج عدو الله أنا رسول الله " وأورد عن شيخه بأنه " يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ويقول: قال لك الشيخ اخرجي فإنه هذا لا يحل لك فيفيق المصروع وربما خاطبها بنفسه وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب فيفيق المصروع ولا يحس بألم وقد شاهدنا - نحن وغيرنا - منه ذلك مرارا " (2).
وإنما العجب من التاريخ حيث لم يذكر الأسباب التي كممت فاه أبي هريرة فلم يشتك لرسول الله قصة وطأه بالنعال ورسول الله نفسه لم يزجر