ومن التعسف بمكان أن نعتذر نحن عنه بما لم يعتذر هو منه، ويتبين لك أيضا أن الغاية من الملازمة شبع البطن سواء كان الملازم محمد رسول الله أو بسرة بنت غزوان بلا فرق إلا من جهة الحيث.
ولكن أبا هريرة بسلوكه هذا باء بالفشل باعتبار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد لا توقد في بيوته نار ثلاثة أشهر وإنما قوته دقل التمر، وأحيانا لا يجد ما ينفقه على نسائه فيشد الحجر على بطنه الشريفة ويأمر نساءه بالصبر والصلاة، ولهذا خير الله نساءه - عندما ثرن عليه لأجل النفقة - بين البقاء مع رسوله والصبر على شظف العيش وبين الطلاق بقوله تعالى:
* (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) * (1) فاخترن الله ورسوله إلا ما قيل: إن إحداهن اختارت الدنيا وزينتها ففارقها رسول الله فسميت المختارة.
ذلك كله يكدر الصفو عند أبي هريرة ويزيده إفلاسا معويا وبالأخص أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غير مسؤول عنه دون غيره، فضاقت عليه الأرض بما رحبت وذهب يتخذ التدابير فاهتدى مؤخرا إلى اختراع مهنة عمل لم يسبقه إلى ابتكارها غيره من الصحابة يسترزق منها، فتقمص أدوار فاقد الإحساس بأقسامها التالية:
فتارة يمثل دور المصروع ويدمج معه كل الحالات المحتملة، بحيث أن المارة تختلف أوهامهم به، فهل هو معترى بداء الصرع أو أصابه الجنون أو مغشي عليه؟ وقد يفرد الحالة التي يمثلها بما يلي: