الكثير ممن زعموا ردتهم إنما منعوا الزكاة عن أبي بكر، وغاية ما يقال فيه الحرمة لا الارتداد ولذا أجرى عليهم عمر أحكام الإسلام فرد سبيهم وأموالهم مضافا إلى أن هذه الرواية وغيرها مصرحة بأنهم من الصحابة. ومن زعموا ردتهم إن ما توا على الارتداد كما هو ظاهر هذه الأخبار لم يكونوا من الصحابة لأن من مات مرتدا ليس بصحابي عندهم، وإن تابوا وماتوا مسلمين لم يكونوا ممن يؤخذ بهم ذات الشمال ويحال بينهم وبين النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)... " (1).
قلت: إتماما للبحث يجدر بنا ان نناقش حديث الهمل من ثلاث جهات:
الجهة الأولى:
يفهم من حديث الهمل توالي زمر الصحابة وتكرارها في الورود إلى آخر زمرة منهم، وأنه لا يترشح من الزمر للنجاة ولا فرد واحد ترشحا، وإنما الناجون يأتون زمرة واحدة فباعتبار كثرة الزمر يكونون كهمل النعم.
الجهة الثانية:
الطريف بالموضوع هنا أن الذي يذود الصحابة عن الحوض هو رجل ومن بني البشر حقيقة ومن أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالذات فليس هو من أمم سالفة ولا من عالم الملائكة وغيرها من العوالم اللابشرية.
وعسى أن لا يعتلج في ذهني ولا يتسور قلبي شك أنه علي بن أبي طالب جئ به ليشهد على أنا سي الصدر الأول باعتباره عاصرهم وعايشهم