يمثلهم في الجوع والبؤس والعرى، وكان يلزم رسول الله بشبع بطنه - كما روى البخاري في باب حفظ العلم (1) - بلا درهم ولا دينار وكان لا يعمل ولا يسعى في مناكب الأرض ولا يعرض نفسه لأسباب الرزق بالعمل وإنما ألقى بكله على رسول الله فإن لم يجد فبالتسول.
فنه وتمثيله قالوا: الاختراع وليد الحاجة، ونحن نزيد عليهم بقولنا والحاجة تنم عن ضمير المحتاج، فإن كان دنيئا أو رفيعا أو شريرا فالاختراع كذلك، والاختيار الوظيفي والمهني والسلوك الحياتي كذلك، ولما كان أبو هريرة عاطلا عن العمل فبالضرورة الحتمية له أن يفترش الفقر ويلتحف الجوع قبل هجرته وبعدها، فأما قبل الهجرة أجر نفسه خادما لبسرة بنت غزوان بلا درهما ولا دينار كما أخرج ابن سعد بسنده عن أبي هريرة نفسه قال: " أكريت نفسي من ابنة غزوان على طعام بطني وعقبة رجلي " (2).
وأما بعد هجرته فلم يغير مهنته ولم يبدلها فلزم رسول الله على طعام بطنه على غير رضى ولا طلب منه (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أخرج البخاري في الصحيح عنه قال: " وأن أبا هريرة كان يلزم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يشبع بطنه " (3).
أي لأجل الشيع، ومنه يتبين لك هراء قولهم: أن أبا هريرة يلزم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لأجل العلم بعد اعترافه بأن الملازمة لأجل الشبع