غايته وانتهازه ما عساني أقول: في رجل طوى كشحا عن مناهج الحياة الكريمة ومراقي الفضيلة بين الرجال، وغرق في عين بحر الخوارم إلى أن تبناه بلاط بي أمية، ولما انقرض عصر الصحابة وحكم الجمهور بعدالة كل من أسلم ورأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومات على الإسلام، حتى وإن سرق وزنا، وإن قتل وغدر، وإن كذب وفجر وإذ بأبي هريرة فجأة - وهو في قبره عن طريق الطفرة أو القفزة - يصبح فارس ميدان العلم والتقى والأخلاق، وحامل علم السنة النبوية الشريفة، فلا يجارى ولا يقاوم.
والحال أن أبا هريرة لا يملك من شتى مناحي الحياة إلا منحى واحدا هو أن يعيش ليأكل ولم يأكل ليعيش مما تولد عنه هم البطن، وتولد عن هذا الهم الانتهاز والهذر، وتولد عن الهذر فن النكات والهزل وإليك تفصيل ما أجملناه:
1 - ما كان أبو هريرة يعيش إلا ليأكل، فليس له مبدأ يتنامى على ظاهر حاله بدفع قوي تقذفه قوة الإيمان المستكن في قلبه إلى حد أنه على الأقل يذب عنه ويقاتل دونه في ساحات الجهاد النفسي والقتالي، وإنما مبادؤه دون ذلك، ولذا لا نكاد نسمع بطعام آن ذاك إلا وأبو هريرة أميره يرعد ويبرق فوقه.
2 - كان رجلا انتهازيا لا هم له إلا بطنه ولا سلاح له إلا الانتهاز ولو على حساب الدين ودنيا الآخرين، ويشهد لذلك ما ذكر أخوتنا أهل السنة في مروياتهم التي تترجم حياته الانتهازية ما هذا نصه: