مقدمات في مساري العقيدي وسيري الخلقي 1 - العرف والعادة في الأربعينات من القرن العشرين استقبلت الحياة في كنف والدي بين أفراد أسرة بسيطة تعيش البداوة في الأرياف النائية عن المدن وغالبا تجتاز البوادي طلبا للماء والكلأ باعتبار أن حياتهم آنذاك تقوم على تربية المواشي مما يحتم عليهم الحل والترحال.
ويرافق ذلك كله أمية ضاربة أطنابها، فلو أن رسالة وجهت لشخص ما فلا يجد من يقرؤها، ولربما يبعث بها فارسا أو راجلا يفتش عمن يقرؤها في قرية أو قريتين ولربما ثلاث فلا علم ولا تعليم ولا عالم ولا مدرسة فلا سائد إلا الجهل والفقر والمرض ولا حاكم كمثل العرف والعادة.
ومن أبرز ما نلحظ من أعراف تلك الفترة أن عشرات الألوف من سكان واديي الفرات والخابور لا يرتضون التحاكم في قضاياهم ومشاكلهم إلى العالم أو القاضي الشرعي ورجل الإفتاء بل ولا الحل القانوني عند قاضي صلح أو جزاء وإنما يذهبون إلى صاحب العرف المشتهر الذي ورثه من آبائه وأجداده فيحكم للمرافع أو عليه فيقبل الحكم وتحل المشكلة وتهدأ النفوس.
ومن الأعراف المعمول بها أن شيخ مشايخ العشائر إذا سن سنة تتلقاها النفوس بالقبول طواعية فيعملون بها، فلو ثار الشقاق ودقت عوائص الأمور وخفيت المخارج يحتج بعضهم بموجبها على البعض الآخر،