كثير من آخر الأمة أفضل من كثير أولها 15 - إذا اعتبرنا حديث (خير الناس قرني...) صحيح المتن والسند فهذا لا يعني أن كل فرد من أفراد الصحابة هو خير من كل فرد مما سواهم وإنما المعنى جملة هذا القرن خير من كل قرن بجملته وإلا فهناك أفراد الأنبياء والمرسلين هم أفضل من كل فرد مما سواهم إلا ما شاء الله، وهناك أوصياء وأولياء في القرون السابقة أفضل من ألوف الصحابة والتابعين وأتباعهم، وهناك أفراد في هذه الأمة من أوصياء وأبرار ومقربين إلى يوم القيامة أفضل من عشرات الألوف من أفراد القرن الأول والثاني والثالث، ولقد أشار النووي بل صرح بهذا التفصيل في شرحه على مسلم.
ويشهد لهذا الفهم أن الشارع المقدس لا يزن الأشخاص بالأزمان والأمكنة فيعطي زيدا فضيلة لأنه في زمان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو في مكان هو مكة المكرمة، وإنما يزن بميزان العمل الصالح وإلا فبني أمية كلهم في القرن الأول وهو خير القرون - حسب المدعى - ولكنهم لا يعرفون عن الدين شيئا وقادوا المسلمين وفتحوا البلاد ووسعوا رقعة المسلمين وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال ما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة (يا بلال قم فأذن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر) (1).
ويشهد له قوله تعالى: * (ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك