وإلا فلا ضرورة في الأمر تحدو برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتكتم على اسم رجل في واقعة تعود لما بعد البرزخ مكانها المحشر وزمانها القيامة إذ لا علقة فيها تعيق عاجلة الناس في حياتهم وسياساتهم ومصالحهم.
والأكثر منه أن أخوتنا أهل السنة يفسرون الرجل الذي يذود الصحابة بالملك وهو تفسير اعتباطي حيث لا داعي لتشكيل الملاك بصورة رجل في تلك الدار على خلاف دار الدنيا حيث يتصور الملك بصورة رجل ليسر على الناس وهناك في الآخرة تبلى السرائر وترى الملائكة باعتبارهم أجسام.
وإنما وصفنا تفسيرهم للرجل بالملك بأنه " تفسير اعتباطي " باعتبار أنه يمكن الجمع في مثل هذا لو سلمنا جدلا فيقال: إن الرجل هو الذي يذود الصحابة عن الحوض الكوثر باعتبار انه يشهد على ردتهم فيثبت حرمانهم فيكون بمنزلة السلطة القضائية وان الملك هو الموكل بهم ومن اختصاصه ان يسحبهم إلى النار فيكون بمنزلة السلطة التنفيذية والله العالم.
الجهة الثالثة:
إن أحاديث الحوض - على كثرتها وبلوغها حد التواتر لا ترتكز في الأذهان إلا على مفهوم واحد تدل عليه أربع كلمات مترادفة أو متداخلة وهي أن الصحابة - غيروا - بدلوا - أحدثوا - ارتدوا وكلها تتنازع مفهوما واحدا وتطوف حوله ألا وهو الانقلاب وهذا أمر تنبأ به القرآن الحكيم حيث جاء فيه أنهم ينقلبون بعد موته (صلى الله عليه وآله وسلم) إن موتا وإن قتلا قال تعالى:
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم...) * (1).