بينهما في بعض الموارد - من فساق الصحابة ومنخرمي المروءة منهم.
مروءته في اللباس وعند الطعام صرح أبو هريرة للناس جميعا أنه لزم رسول الله لشبع بطنه، فلم يكتمهم علة الملازمة، ولا يهمنا هنا طالت أم قصرت وإنما الغريب في الأمر أن الذي يلازم رسول أكثر من غيره فعلى الأقل يتخلق ببعض طباعه وسجاياه غير أن أبا هريرة كان قذر الثياب حتى مع سعة العيش بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مما يجلب الجراثيم والذباب إلى درجة أنه كان يمتخط في ثيابه كما أخرج ابن سعد والبخاري واللفظ له: بسنده عن محمد " يعني ابن سيرين " قال: كنا عند أبي هريرة وعليه ثوبان ممشقان من كتان فتمخط فقال: بخ بخ أبو هريرة يتمخط في الكتان (1).
وأما مروءته عن الطعام فكان شرها منهوما إلى درجة الاستيلاء على قلبه، فلا يستطيع أن يربأ بنفسه عن مهاجمة الطعام من أي وجه من وجوه الحضر والإباحة، ولم يكلف نفسه ضربة سيف أو طعنة رمح في سبيل الله، ولم يعجبه فارس قط " أحسن من زبد على تمر " كما نقل أبو ريا عن الثعالبي في خاص الخاص، ولم نسمع عنه - في مناسبات الطعن والطعام - من المحدثين والمؤرخين إلا وهو: " متأخر عن فارس الطعان ومتقدم عند فيروس الطعام ".
ومن المعروف أن جمهرة الذباب لا تغادر حمى قذر الثياب والبدن فتدور معه حيثما دار فيكثر سقوطها في طعامه وشرابه، مما حدا بابي المحدر أن ينسب إلى رسول الله - وهو سيد الكائنات وصاحب الخلق العظيم والطبع السليم -