وأي قفزة وأي طفرة؟
هذا كله من حيث تعريف الحديث الحسن أما من حيث قبوله والعمل به فغير مجمع عليه كما مر قريبا. وها هم الشافعية الكثير منهم لا يقبل العمل بالحديث الحسن فضلا عما هو دونه كما فهمناه من حوار أجراه ابن الصلاح في المقدمة. وعليه فما بالك بالحديث الذي بين أيدينا " لا تمس النار مسلما رآني... " فهو غير صالح للاحتجاج ولا للاعتبار وما معناه والحديث الذي قبله " طوبى لمن رآني " إلا كمثل معنى القفزة عند الشيوعيين أو الطفرة عند نظام المعتزلة والكثير من المتكلمين المسلمين.
فالقفزة في الفكر الماركسي هي أن التغيير في الكيف لا يتدرج تبعا لتغيير الكم وإنما تغيير الكم يهيئ ويعد العدة لولادة كيف جديدة فإذا وصل الكم عند حد معين تم تغيير الكيف فجأة وبقفزة.
مثال: تراكم الحجارة التي تصبح سدا والماء عند الغليان يصبح بخارا.
وأما الطفرة هي " أن يكون الجسم الواحد في مكان ثم يصير إلى المكان الثالث ولم يمر بالثاني على جهة الطفرة " وهذا القول زعمه النظام كما يقول أبو الحسن الأشعري: وذكر أن إبراهيم " النظام اعتل في ذلك بأشياء ومنها الدوامة يتحرك أعلاها أكثر من حركة أسفلها ويقطع الجز أكثر مما يقطع أسفلها وقطبها، قال: وإنما ذلك لأن أعلاها يماس أشياء لم يكن حاذى ما قبلها " (1).
فكذلك حديث " لا تمس النار مسلما رآني ولا من رأى من رآني ولا من رأى من رأى من رآني " فإنه يدفع بالإنسان من الإيمان أو الإسلام