ثم التجأت إلى الله أدعوه وكنت أخرج من بيتي ليلا فيأخذني البكاء وكان الناس يسألوني وأتحدث لهم في المجالس وكانوا يثقون بي ثقة عمياء فأقول في نفسي: لو تعلمون من الذي يحدثكم لطردتموني من مجالسكم وكنت أتمنى أن لا أقرأ ولا أكتب وأنني راع في فلاة وكثيرا ما أردد البيت الذي يذكره الغزالي في المنقذ من الضلال:
- فكان ما كان مما لست أذكره * فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر - وكنت أعزي نفسي بشك الغزالي حيث شك في كل شئ وبقي على مذهب السوفسطائيين لمدة شهرين وتحدثت بقصة الغزالي هذه لبني عمومتي أكثر من خمس مرات كل واحدة منها تكون على إثر ما يعصر قلبي وكنت إذا سمعت صوتا لم أر صاحبه يرتعد جسمي وكانت لي أوراد تلقنتها من نقيب الأشراف يوسف القادري في بغداد فتركتها، وهكذا.
وفي يوم وإذا بالأدلة تنقدح في ذهني ولكنها تخالف كل الأدلة المبحوثة في هذا الشأن ولكنني لا أستطيع ذكرها هنا ولا أقول: إنها تضاهي غيرها وإنما المهم أنها جاءت بطريقة خاصة ومن ذهنية قاصرة أعادت الاطمئنان إلى قلبي وكأني نشطت من عقال ولقد بقي قلبي موجوعا لمدة تزيد على شهرين حيث تدمر بعضه نتيجة معارك ضارية وبعد التعمير توقفت أكثر من ثلاثة أشهر لم أفتح فيها كتابا ولم ألوى على شئ إلا أنني أشعري قادري شافعي.
7 - آن الأوان فطاب المبتلى تجدد نهمتي وتاقت نفسي لطلب العلم ولكن هذه المرة - وبعد الشفاء من الوباء الوافد وخروجي من محنتي سالما بعد دفاع عنيف، انحصر بحثي في