وثانيا: أن تمليك شئ بعنوانه لا يقاس بتمليك شئ بعنوان آخر، كالتمليك البيعي والتمليك الصلحي، فإن عدم اعتبار ما يعتبر في التمليك المحض في التمليك الصلحي مما لا شبهة فيه، فعدم اعتبار مقارنة الرضا في التمليك بعنوان النكاح لا يقتضي عدم اعتبارها في التمليك المحض هذا.
وأما الوهن الذي ادعاه المصنف (قدس سره) في الفحوى فمخدوش: بأن العامة لم يستندوا في صحة البيع مع الجهل بعزل الوكيل إلى الاحتياط، ليجيب الإمام (عليه السلام) بأن النكاح أولى بالاحتياط، فهو أولى بالصحة جدلا عليهم، حيث إن الصحة والفساد لا يوافقان الاحتياط، بل الاحتياط بالطلاق وتجديد العقد أو بالإجازة مع عدم الرد، ليكون العقد إما عن وكالة أو عن إجازة.
بل استندوا إلى استحسان يقتضي الصحة في البيع والبطلان في النكاح، فمقتضى القاعدة بيان بطلان استحسانهم، وحيث إنه (عليه السلام) لم يتمكن من ابطاله تقية منهم فلذا راعى جانب الاحتياط، وأجاب بما محصله أن النكاح حيث إنه أحرى بالاحتياط من غيره مما يتعلق بالماليات، فاللازم فيه الاستناد إلى ركن وثيق من آية أو رواية، لا إلى القياس والاستحسان، وليس كالماليات التي لا اهتمام بها كالنكاح، ولذا عقبه (عليه السلام) بقضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) الذي يتبع قضائه لقوله (صلى الله عليه وآله) (أقضاكم علي (عليه السلام)).
ولقد عثرت بعد ذلك على كلام للمحقق صاحب المقابيس (قدس سره) (1) يوافق ما ذكرنا.
وأما ما قيل (2) من أن الحكم بالصحة في النكاح بالاحتياط من باب المعارضة بالمثل جدلا فمدفوع: بأن اقتضاء الاحتياط للصحة لم يكن مسلما عندهم، ليعارض استدلالهم المقتضي لبطلان النكاح بموافقة صحته للاحتياط، فلا معنى للمعارضة جدلا كما لا يقتضيها واقعا كما عرفت.
ومنه يظهر اندفاع ما قيل (3) في رد المصنف (قدس سره) من أن الإمام (عليه السلام) بصدد ابطال استدلالهم فقط، وهو أن الاحتياط لو كان مقتضيا للصحة في البيع ففي النكاح بالأولوية، لأنه أولى