نقص في الوكيل.
وأما السلطنة على اشتراء غير العبد المسلم فلا مانع منه، سواء كان الموكل مسلما أو كافرا، فإن السلطنة في الحقيقة على عمله لا على البايع، كما أن الموكل إذا كان مسلما لا فرق بين أن يكون المورد عبدا مسلما أو غيره إذ لا سلطنة له إلا على العمل لا على العبد، بل الملك للمسلم والسلطنة على التصرفات فيه للمسلم، فتبين أن توكيل الكافر في جميع صور المباشرة صحيح، ودعوى الإجماع في بعضها غير مسموعة ولا مدرك إلا القواعد المقتضية للصحة.
ومما ذكرنا يعلم حال الوصية العهدية إلى الكافر التي هي تسليط من الموصي للوصي، إما على ثلثه ومنه عبده المسلم إذا كان له، أو بزيادة الولاية على أطفاله وأموالهم، فإن الإشكال فيها تارة من حيث إنها سبيل على الموصي ولو في ماله، وأخرى من حيث إنه سبيل على عبده المسلم، وثالثة من حيث إنها سبيل على أطفاله المحكومين بالإسلام.
والأول: مدفوع بأنها ليس سبيلا على المسلم، بل على ماله المشترك بينه وبين الوكالة في المال بالنقل والانتقال من دون مساس بمسلم ولو في استيفاء حق منه، فمجرد السلطنة على مال المسلم بتسليطه إياه ليس سبيلا على المسلط له، سواء كانت السلطنة بنحو الاستنابة في التصرف كالوكالة، أو بنحو الاستقلال في التصرف في ظرف موته الذي لا سلطان لأحد عليه إلا للوصي المتسلط عليه بتسليط مالكه في حياته.
والثاني: مدفوع بأن التسليط على العبد بعتقه أو بصرفه في مصرف محدود ليس كالتسليط المالكي، الذي يكون ناصية العبد بيده يتقلب فيه ما يشاء، ولذا كانت الوصية التمليكية بالعبد المسلم كبيعه غير صحيحة هنا.
والثالث: مدفوع بأن التسليط على الطفل ليس إلا ولاية حفظه وصيانته وتأديبه، ولا السلطنة على ماله إلا كذلك، أو بيعه وصرف ثمنه في شؤون الطفل، وليس شئ من ذلك سبيلا على المسلم يدخل به الضرر على المسلم، والكلام في المقام من حيث كون الوصية العهدية إلى الكافر سبيلا على المسلم، لا من حيثية أخرى، وإلا فمسألة الوصية العهدية إلى الكافر مطلقا حتى في غير العبد من الأموال لا خلاف في فسادها وعدم نفوذها، وليست كالمسائل السابقة خلافية حتى لا يكون المتبع فيها إلا الأدلة التي قد عرفت مقتضياتها.