وأما المعنى الثالث فمع أنه في نفسه غير صحيح - لما قدمنا في أوائل التعليقة (1) - ليست الملكية فيه كالملكية في البيع، بحيث تكون ناصية المملوك بيده يتقلب فيه كيف يشاء، حتى يكون سبيلا بالاقتضاء يدخل به الضرر عليه، بل الملكية بلحاظ جهة خاصة ليس للمالك التعدي منها عرفا وشرعا، وقد عرفت أن ملك الرقبة إنما كان علوا لمكان المولوية والسيادة، وهي بهذا العنوان مصداق له لا كل ملكية ولو لم تكن سيادة ومولوية، ومن الواضح أن المستأجر وإن كان على هذا المبنى والمعنى مالكا للعين في حيثية خاصة، إلا أنه ليس مولى وسيدا حتى يكون له العلو على العين المستأجرة.
وأما المعنى الرابع فالجواب عنه: - ما تقدم - من أن التسليط هنا ليس كالتسليط البيعي تسليطا مطلقا ليكون سبيلا يدخل به الضرر، مع أن السلطنة على العين مرجعها إلى السلطنة على استيفاء المنفعة منها، وسيأتي (2) إن شاء الله تعالى حالها وحكمها، لأن السلطنة ليست إلا بلحاظ القدرة على التصرفات تكليفا بعدم الصد والردع، ووضعا بانفاذ السبب، ومع قطع النظر عن التصرفات لا معنى للقدرة على العين ليعقل السلطنة عليها فتدبر جيدا، هذا حال الإجارة بحقيقتها على جميع المعاني والمباني.
وأما لازمها: وهي السلطنة على المال، ومن شؤونها السلطنة على المطالبة فتوضيح الحال فيها:
أن المنافع مع كونها معدومة في الخارج لا بد من تقدير وجودها ليكون طرفا للملكية الاعتبارية، إذ الملكية المطلقة التي لا طرف لها بتمام أنحاء الوجود غير معقولة، ولا بد مع تقدير وجودها من إضافتها إلى محل ومورد لتكون قابلة لبذل المال بإزائها أو اعتبار مملوكيتها لأحد، ولذا لا يصح ملك العين الكلية كالحنطة من دون إضافتها إلى مورد معين كالكلي في المعين، أو إلى ذمة معينة كالكلي الذمي.
فكذا المنافع المقدرة الوجود فإنها تارة تضاف إلى شخص خاص فهذا الكلي ينحصر فرده في العمل القائم بشخص الأجير في الخارج، فيكون نظير الكلي في المعين المضاف إلى موجود، في الخارج، وأخرى تضاف إلى ذمة شخص خاص فيكون لذلك الكلي من