على طبق المعاوضة تستدعي اقباض ما يملكه المستأجر، والحر غير قابل للاستيلاء عليه حتى يستولى بواسطته على المنفعة المملوكة، فلا بد من جعلها بمعنى ملك الانتفاع الذي فعليته عين اقباضه.
وأخرى من حيث إن منافع العبد مملوكة بتبع ملك العبد لمالكه، بخلاف الحر فإنه لا يملك أعراضه حتى يملكها غيره، فلا بد من الالتزام بأن حقيقة الإجارة تسليط الغير على الانتفاع بعمله.
أما الأول فمدفوع أولا: بأن حقيقة إجارة الحر إذا كانت تمليك الانتفاع فلا فرق بينها وبين العارية فإن حقيقتها ملك الانتفاع.
وثانيا: بأن المملوك بالإجارة قابل للنقل إلى الغير، وملك الانتفاع غير قابل للنقل كما في العارية.
وثالثا: أن الإجارة حقيقة واحدة فلا يعقل جعلها في الحر بمعنى ملك الانتفاع، وفي غيره بمعنى ملك المنفعة.
ورابعا: أن القبض المعتبر في فعلية العمل على طبق المعاوضة ليس إلا تسليم المنفعة، والمنفعة إذا كانت عملا فتارة يكون تحققها باستيفاء المستأجر، كما إذا آجر نفسه ليحمل المستأجر إلى مكان مثلا، أو أن يحمله لأن يطوف به البيت مثلا فتسليمه بتسليم نفسه حتى يستوفي منه المستأجر عمله، وأخرى يكون تحققها (1) لا باستيفاء المستأجر بل بايجاد العمل فقط، كما إذا آجر نفسه لخياطة ثوبه أو لصبغه أو لصياغة خاتمه مثلا، فإن إيجاد هذه الأعمال لا يكون منوطا باستيفاء المستأجر، حتى يلزم تسليم نفسه ليتحقق به الاقباض والاستيلاء.
فليس إجارة الحر دائما مقتضية للاقباض المساوق للاستيلاء، مع أن تمكين الأجير لاستيفاء المستأجر محقق لاقباض المنفعة بمعنى التخلية بينه وبين استيفائه للعمل، ومع ذلك لا ربط له بجعل المستأجر مستوليا عليه بذلك المعنى المحقق لضمان اليد في مورده، حتى يستلزم الاشكال في إجارة الحر وجعلها بمعنى تمليك الانتفاع.
وخامسا: أن تمليك الانتفاع بعمل الحر غير متصور في الأعمال التي لا يستوفيها