المتوقف عليه تسليم العمل سبيلا منفيا، إنما هو بملاحظة ما ذكرنا أن ملكية المنافع حينئذ بلحاظ مقتضياتها ولوازمها سبيل بالاقتضاء فيكون منفيا، وإلا فاللازم انفاذ الإجارة، ثم نقل المنافع إلى غير الكافر أو تسليم العمل من دون تحقق الاستيلاء منه فتدبر جيدا.
ثم إنه ربما يتخيل أن نفي السبيل كنفي الضرر للامتنان على المؤمن، وفي مثل بيع العبد المسلم يناسب نفي الملك الامتنان على المسلم، وكذا في إجارة العبد يكون نفي الملك منة على العبد المسلم، بخلاف ما إذا آجر الحر نفسه فإنه باقدامه ملك منافعه، وامضائه امتنان عليه لا رفعه، وبه يفرق بين إجارة الحر وإجارة المولى عبده من الكافر.
ويندفع أولا: بأن نفي السبيل لشرافة الإسلام لا لمجرد الامتنان، وليس للمسلم هتك حرمة إسلامه والإقدام على تضييع شرفه.
وثانيا: بالنقض بما إذا كان العبد مأذونا في التجارة والتكسب فآجر نفسه، فإنه أقدم على إجارة نفسه لا مولاه، فتكون المنة في إمضائه لا في رفعه.
ثم إن هذا كله في صحة الإجارة وبطلانها من حيث نفي السبيل، وأما من حيث حرمة خدمة المسلم للكافر، فلو صحت لكان بطلان الإجارة من حيث إن بذل المال بإزاء الحرام أكل للمال بالباطل، لا من حيث نفي السبيل ونفي العلو، إلا أنه لا دليل على حرمة الخدمة وإن كان المحكي كراهة خدمة المسلم للكافر فتدبر.
- قوله (قدس سره): (خصوصا لو قلنا بأن إجارة الحر تمليك الانتفاع... الخ) (1).
إذ لو قلنا بأن حقيقة الإجارة مطلق تمليك المنفعة، فلا بد من اقباض المنفعة باقباض العين، حيث لا يعقل قبض منفعة الدار ومنفعة الدابة إلا بقبض الدار والدابة، فحينئذ يتوهم لزوم استيلاء المستأجر على العين مقدمة للاستيلاء على ملكه، وهو منفعتها، فيتوهم لزوم استيلاء الكافر على الحر الأجير تحقيقا للاستيلاء على منفعته المملوكة له.
بخلاف ما لو قلنا بأن إجارة الحر تمليك الانتفاع بعمله، والانتفاع فعل المستأجر فلا يقتضي تملكه إلا استيفاء عمل الأجير، واستيفائه المساوق لفعلية الانتفاع عين فعلية قبضه، من دون حاجة إلى قبض المنفعة بقبض العين، ليلزمه الاستيلاء على الحر.
ولا يخفى عليك أن الاشكال في إجارة الحر تارة من حيث إن الإجارة بمقتضى العمل