الاتيان الاعتقادي، إذ ما كان الضرر مترتبا على تركه فهو مكره على فعله، فحينئذ لا وجه لرفع حكم الواقع مع عدم كونه مكرها عليه، وعليه فالامتناع الاعتقادي عند التمكن من التورية بترك إجراء الصيغة فهو المكره على فعله دون الاتيان الواقعي، فإذا أتى به واقعا بلا تورية فقد أتى بما لم يكره عليه.
- قوله (قدس سره): (ثم إن ما ذكرنا من اعتبار العجز عن التفصي... الخ) (1).
ليس غرضه (قدس سره) كما يظهر من عنوانه التفاوت بين الاكراه في التكليفيات والاكراه في المعاملات، بعدم اعتبار عدم امكان التفصي في الثانية واعتباره في الأولى، نظرا إلى سعة دائرة الاكراه في المعاملات وضيقها المساوق للاضطرار في التكليفيات، فإن هذا المقدار لا يوجب رفع اعتبار عدم التفصي، بل لا بد من اعتباره في كل واحدة من المعاملات والتكليفيات بحسبها، ففي المعاملات يعتبر عدم امكان التفصي من ذلك الأمر الغير الملائم، وفي التكليفيات عدم التمكن من دفع الضرر إلا بفعل المكره عليه.
بل غرضه (قدس سره) - كما يشهد له الأمثلة المذكورة في المتن - أن التفاوت في مراتب الاكراه يوجب التفاوت في مراتب التفصي، فالعدول من مكروه إلى مكروه كما في المثال الأول ليس من التفصي، بل التفصي عن المكروه إلى غير المكروه، فعدم العدول لا يوجب عدم صدق الاكراه، بخلاف عدم أمر خدمه بطرده، فإنه ليس بمكروه، فلو لم يأمر لكان كاشفا عن كونه طيب النفس بالمعاملة.
بخلاف باب المحرمات، فإن الاكراه الرافع لها ما يساوق الاضطرار، فكون المتفصى به ما يكرهه طبعا لا يوجب العدول من المضطر إليه إلى المضطر إليه، حتى لا يمنع من صدق الاضطرار.
نعم إذا علم أن ذلك الفرد الآخر إما أضعف أو مساو للمكره عليه في عدم الملائمة - ومع ذلك فقد (2) أتى بالمكره عليه - كشف عن ملائمته لغرضه طبعا من وجه آخر.