لولا الاكراه لما فعل "، ولا يتوقف على صدق القضية الايجابية، " وهو أنه حيث أكره عليه ففعل "، بل فعله للاكراه ولعدم الداعي إلى التفصي، أو للداعي العقلائي إلى ترك التفصي، بملاحظة احتمال ارتفاع الكراهة وتبدلها بالرضا ليؤثر العقد أثره.
فإن قلت: يمكن دعوى القضية الايجابية أيضا، لأن قصد التورية ضد لقصد البيع الحقيقي المكره عليه، وعدم الضد ليس مقدمة لوجود الضد، فقصد البيع مستند إلى حمل الغير، وعدم قصد التورية إلى عدم الداعي أو إلى الداعي إلى الترك.
قلت: وإن لم يكن عدم الضد مقدمة لوجود الضد، إلا أن سببيهما المتنافيين بالعرض ليسا كذلك، بل تأثير كل منهما مشروط بعدم الآخر.
نعم إذا كان أحدهما أقوى فالأقوى يؤثر لقوته، ولا ينافيه الأضعف لعدم قابليته للمزاحمة مع الأقوى، بخلاف الأضعف فإنه لا يؤثر إلا مع عدم وجود الأقوى، لأن المفروض أنه تام الاقتضاء، فعدم تأثيره مع وجود الأقوى ليس إلا لمانعية وجود الأقوى، وإلا لزم تخلف المعلول عن علته التامة، فلا محالة يشترط تأثيره بعدم الأقوى.
وعليه فنقول: اكراه الغير إنما يكون حاملا للمكره على البيع لكونه دافعا للضرر المتوعد عليه، وهذا العنوان موجود في التفصي المفروض امكانه، فاختيار البيع بخصوصه لا محالة لخصوصية أخرى غير الجهة المشتركة بينه وبين التفصي، لاستحالة أن تكون الجهة المشتركة مخصصة، فيستند البيع بالآخرة إلى غير الاكراه فتدبر.
فإن قلت: البيع الحقيقي وإن يكن مكرها عليه على أي تقدير، إلا أن العقد اللفظي - فيما إذا انحصر التفصي في التورية - مما لا بد منه، فهو مكره عليه بقول مطلق، فيرتفع أثره، بداهة دخله في حصول الملكية.
قلت: حيث إن رفع الأثر للمنة، فمع قصد البيع الحقيقي لخصوصية طبعية لا منة في رفع أثر السبب، وإن كان بذاته مما لا بد منه.
ثم إن البحث عن الاكراه على المعاملة، والبحث عن تحقق الاكراه مع امكان التفصي - بملاحظة أن الغالب عدم الالتفات إلى أن الاكراه على القصد - الذي هو أمر نفساني - غير معقول، ولأجله يرى نفسه مكرها على الفعل التسبيبي القصدي فيقصده، وإلا فمع الالتفات وعدم الاندهاش بسبب الاكراه لا يتحقق الاكراه على القصد، حتى يبحث عن